أعلن دومينيك دوفيليبان وزير الخارجية ورئيس الوزراء الفرنسي السابق (في عهد جاك شيراك) تحويل ناديه السياسي الذي يضم حوالي 15 ألف عضو الى حزب سياسي أطلق عليه اسم «الجمهورية التضامنية»، وقدمه على أنه البديل لانقاذ فرنسا ووضع حد للانقسامات. وبهذا الاعلان يفتح دوفيليبان أبواب المواجهة مجددا مع خصمه التقليدي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. ويأتي إعلان دوفيليبان كخطوة مبكرة على ما يبدو لخوض معركة الرئاسة المقررة في عام 2012 ما لم تعكر صفوها إعادة فتح ملف قضية «كلير ستريم». صحيح ان المحكمة برأت الرجل من تهمة تزوير بيانات ومحاولة تشويه سمعة نيكولا ساركوزي لكن التوقعات تشير الى ان الملف لم يغلق نهائيا، وقد يعاد إثارة القضية في 2011. عداوة ومن غير المستبعد ان يكون الرئيس الفرنسي ساركوزي قد أعدّ نفسه لكل طارئ خاصة أن العداوة بينه وبين دوفيليبان ليست نتاجا لقضية «كلير ستريم» وإنما تعود جذورها الى سنوات خلت حين كان كلاهما في مناصب وزارية في عهد الرئيس السابق جاك شيراك. ويدرك ساركوزي ان خصمه ومنافسه في إنتخابات الرئاسة 2007، لم يلق المنديل، وأنه وهو المعروف بحيويته وطموحه لن يتراجع عن خوض جولة جديدة من المنافسة على كرسي الرئاسة. والمنافسة بين الرجلين لم تعد مجرد نزال سياسي، وتنافس على منصب رئاسة الجمهورية، بل تحولت الى عداوة وتصفية حسابات. ملف قضية «كلير ستريم» فتح في 2003 وأسدل عليه الستار أواخر 2009، وعبر دوفيليبان الأزمة بسلام وظل طيلة الاشهر الماضية يعيد ترتيب أوراقه، استعدادا لجولة جديدة من الصراع وقد حان الوقت وفق تقديره لوضع حد لسياسات قسمت البلاد، وأحدثت خللا مؤسساتيا وأساءت الى العدالة الاجتماعية، وفاقمت أزمة البطالة(...). اتهم دوفيليبان مؤخرا خصمه بالافراط في التسلط، والاساءة إلى قيم الجمهورية، ويعتقد أن حزبه الجديد، سيضع حدّا لكل التجاوزات وسيقدم البديل لانقاذ فرنسا من «أزماتها» خاصة منها ما يتعلق بالضرائب والبطالة. ومشاكل الضواحي والهجرة لكن منتقديه، لا يجدون فيه الشخص المناسب لحلّ هذه الأزمات. ولد دوفيليبان عام 1953 في المغرب، ولم تمنعه ميولاته الأدبية من الانخراط في عالم السياسة. فترقى في السلك الديبلوماسي، وكان من المقربين من جاك شيراك، على خلاف خصمه ساركوزي الذي قطع مع سياسات سلفه أملا في التغيير. وينظر اليوم إلى ساركوزي على أنه يمثل الشق المتشدد في اليمين الفرنسي، ومن الداعمين للسياسة الخارجية الأمريكية، ولم يخف إعجابه بالرئيس الأمريكي السابق، وفي ذلك إشارة واضحة إلى تأييده غزو واحتلال العراق. يرى فيه خصومه يمينيا متطرفا، خاصة بعد طرحه استحداث وزارة للهجرة والهوية الوطنية، والمفارقة أنه هو ذاته ينحدر من أصول يهودية مجرية، لكنه كثير الحديث عن الهوية الوطنية. وعلى خلاف دوفيليبان يعدّ ساركوزي من أشد الداعمين لإسرائيل وسياستها الاجرامية. يختلف الرجلان في أشياء كثيرة وما يفرقهما أكثر مما يجمعهما، وتجمع كل المؤشرات على أنهما عازمان على استكمال جولات تصفية الحسابات.