عاجل/ هذا ما قرره القضاء في حق الكاتب العام السابق لنقابة قوات الأمن..    تراجع رقم أعمال قطاع الاتصالات إلى 325 مليون دينار في أفريل 2025    عاجل/ هذا ما قرره القضاء في حق الطيب راشد..    عاجل/ الاحتفاظ بمربي نحل من أجل هذه التهمة..    الكأس الذهبية: المنتخب السعودي يتغلب على نظيره الهايتي    جائزة كندا الكبرى للفورمولا-1: البريطاني راسل يتوج باللقب    بعد ترميمه: "كاميرا عربية" لفريد بوغدير يُعرض عالميًا لأول مرة في مهرجان "السينما المستعادة" ببولونيا    قافلة "الصمود": الإفراج عن العديد من المعتقلين والمفاوضات مستمرة لإطلاق سراح البقية    معرض باريس الجوي.. إغلاق مفاجئ للجناح الإسرائيلي وتغطيته بستار أسود    منذ بداية السنة: تسجيل 187 حالة تسمّم غذائي جماعي في تونس    الكاف: فتح مركزين فرعيين بساقية سيدي يوسف وقلعة سنان لتجميع صابة الحبوب    من هو الهولندي داني ماكيلي حكم مباراة الترجي وفلامينغو في كأس العالم للأندية؟    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    243 ألف وحدة دم أُنقذت بها الأرواح... وتونس مازالت بحاجة إلى المزيد!    كهل يحول وجهة طفلة 13 سنة ويغتصبها..وهذه التفاصيل..    كيف نختار الماء المعدني المناسب؟ خبيرة تونسية تكشف التفاصيل    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    الحماية المدنية: 536 تدخلا منها 189 لإطفاء حرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    تأجيل محاكمة المحامية سنية الدهماني    دورة المنستير للتنس: معز الشرقي يفوز على عزيز دوقاز ويحر اللقب    وفد من وزارة التربية العُمانية في تونس لانتداب مدرسين ومشرفين    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    اليوم الإثنين موعد انطلاق الحملة الانتخابية الخاصة بالانتخابات التشريعية الجزئية بدائرة بنزرت الشمالية    صاروخ إيراني يصيب مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب..    كأس العالم للأندية: برنامج مواجهات اليوم الإثنين 16 جوان    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    النادي الصفاقسي: الهيئة التسييرية تواصل المشوار .. والإدارة تعول على الجماهير    طقس اليوم..الحرارة تصل الى 42..    قتلى وجرحى بعد هجمات صاروخية إيرانية ضربت تل أبيب وحيفا..#خبر_عاجل    عز الدين عقيل يحذّر من التصعيد: القافلة تحتاج تنسيقًا رسميًا لتجاوز العراقيل    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    باكستان تتعهد بالوقوف خلف مع إيران وتدعو إلى وحدة المسلمين ضد "إسرائيل"    النفط يرتفع مع تصاعد المواجهة في الشرق الأوسط.. ومخاوف من إغلاق مضيق هرمز    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    الاحتلال يستهدف مقرا للحرس الثوري في طهران    بعد ترميمه فيلم "كاميرا عربية" لفريد بوغدير يُعرض عالميا لأوّل مرّة في مهرجان "السينما المستعادة" ببولونيا    بوادر مشجعة وسياح قادمون من وجهات جديدة .. تونس تراهن على استقبال 11 مليون سائح    اليوم انطلاق مناظرة «السيزيام»    إطلاق خارطة السياسات العمومية للكتاب في العالم العربي يوم 24 جوان 2025 في تونس بمشاركة 30 دار نشر    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    زفاف الحلم: إطلالات شيرين بيوتي تخطف الأنظار وتثير الجدل    المبادلات التجارية بين تونس والجزائر لا تزال دون المأموال (دراسة)    الإعلامية ريهام بن علية عبر ستوري على إنستغرام:''خوفي من الموت موش على خاطري على خاطر ولدي''    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    إطلاق خط جوي مباشر جديد بين مولدافيا وتونس    باجة: سفرة تجارية ثانية تربط تونس بباجة بداية من الاثنين القادم    هل يمكن أكل المثلجات والملونات الصناعية يوميًا؟    موسم واعد في الشمال الغربي: مؤشرات إيجابية ونمو ملحوظ في عدد الزوار    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يؤكد دعم المنظمة لمقاربة الصحة الواحدة    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    خطبة الجمعة .. رأس الحكمة مخافة الله    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحركة الوطنية : مواجهات ضارية وعمليات نوعية : شهادات وروايات عن أحداث طبلبة 1952
نشر في الشروق يوم 22 - 06 - 2010

تعتبر معركة 23 جانفي 1952 من أهمّ المصادمات الدامية بين قوى الاستعمار والوطنيين، التي وقعت على إثر اعتقال الزعيم الحبيب بورقيبة وعدد من زعماء الحزب يوم 18 جانفي 1952، وبعد قرار قادة الحزب بتصعيد الكفاح المسلّح ضد المستعمر، وتعليمات وتوصيات الزعيم بورقيبة التي توجه بها إلى أحرار الساحل أثناء الاجتماع العام الذي عقده يوم 9 جانفي 1952 بالمنستير.
ونظرا لأهمية هذه الحوادث ارتأينا جمع بعض مستجداتها وظروف وقوعها من خلال شهادات بعض المناضلين الذين عاشوها وشاركوا في إعدادها ومن بين شهود العيان:
المناضل علي ابراهم
«أعتقد أن الظروف التي هيأت لمعركة طبلبة هي التوصية التي توجه بها الزعيم إلى دستوري الساحل أثناء الاجتماع الثاني الذي عقده بهم يوم 9 جانفي 1952 بمدينة المنستير إثر الاجتماع العام الذي حضره عدد كبير من أبناء هذه البلدة جاؤوا عن طريق البحر حيث أنّ سلط فرنسا حجّرت عليهم الدخول إلى المنستير وبدأت طبلبة منذ ذلك اليوم تعد نفسها لمعركة بقيادة شعبتها التي كانت تتركب انذاك من الإخوان: الطاهر معرّف رئيس والبشير شبيل كاهية رئيس وفرج جمعة كانت عام وعبد السلام شبيل مساعد الكاتب العام ومكلف بالشبيبة الدستورية ومحمد بالعيارة أمين مال والأعضاء عبد القادر النقبي وأحمد ابراهم ومحمد الصالح الفقيه.
المناضل الحاج علي لحمر
«إن الجو الذي ساد طبلبة قبل 23 جانفي 52 كان جو جدّ وعمل دائب متواصل واجتماعات عامة بنادي الشعبة وأخرى خاصة بإعداد اللجان والشباب الذين سيشاركون في معارك التحرير وانتخاب هيئتين احتياطيتين للشعبة نظرا لما توقعته الشعبة المنتخبة من اعتقالات قد تطرأ على أعضائها ووجوب مواصلة الكفاح بقيادة الهيئات السرية ومن ناحية أخرى تكوين حضائر لجمع السلاح سواء الموجود لدى المواطنين من بقايا الحرب العالمية الثانية أو بنادق الصيد أو السلاح المحلي البحت المتمثل فيما يعبر عنه في هذه البلدة (العصبان) أو الديناميت الذي كان كثيرا ما يستعمله صيادو السمك لصيد الأسماك ويعرفون مفعوله».
المناضل الحبيب بالغالي
«كنّا 150 شابا تقريبا تحت قيادة المرحوم محمد تقية، علّمنا أنشطة مختلفة عسكرية وغيرها وكان يهيئنا بالتنسيق مع الشعبة إلى المواعيد الهامة من النضال والتضحية في سبيل الوطن لقد اضطلعنا بدورنا ضمن هيئة الشبيبة الدستورية التي يرأسها المناضل عبد السلام شبيل ويتولى الأخ الهادي نويرة كتابتها العامة وأنا أتولى أمانة المال فيها ولم تكن معركة 23 جانفي 1952 بطلبة من فراغ في الحقيقة كانت لها أرضية عمّقت الحس الوطني قبل حدوث المعركة بفترة طويلة وكان المناخ السياسي العام يوحي بتفاقم الأمور نحو التصعيد خاصة منذ إعلان مذكرة 15 ديسمبر الداعية إلى الاستعداد المادي لكل الطوارئ سيما بعد الجولة التي قام بها الزعيم بورقيبة للتعريف بالقضية وكسب التأييد لها لدى الأشقاء والأصدقاء بالشرق الأوسط والهند والباكستان وأندونسيا وأمريكا وغيرها.. يوم 2 جانفي 1952 بلغتنا تعليمات رسمية من الحزب تدعونا إلى الاستعداد الفعلي المسلح لخوض أي عملية تتراءى ضرورية فكّرت الشعبة والشبيبة الدستورية في تجنيد كوادرهما والمتعاطفين من الوطنيين... وشرعتا في تحضير الذخيرة فتم الشروع في صنع «العصبان» وهي قنابل يدوية بورشة محمد المرعوي، واستعد الجميع كامل الاستعداد كل حسب إمكانياته، بعضهم تطوع بالجهد و البعض بالحراسة والبعض بالسلاح (بندقية أو مسدس) والبعض بفتح ديارهم لاجتماعات سرية وإخفاء المناضلين والتستر على الفدائيين وإطعام المقاومين وأهاليهم...
المناضل علي بلغيث
في ذلك اليوم،من الثالث والعشرين من جانفي 1952استعدت جماعة من المقاومين ومن ورائهم البلدة كلها على طول نحو كيلومتر بمدخل البلدة مزودين بأسلحة بسيطة من مسدسات وبنادق ورشاشات وقنابل صنعوها بأيديهم صعد البعض فوق السطوح وكمن آخرون بالمكامن خلف الطوابي وفوق المستودعات وظلوا يرقبون قدوم القوات الاستعمارية التي كانت توعدت البلدة لاحتضانها الزعيم بورقيبة واستعدادها للتضحية بالنفس والنفيس في سبيله، سبيل الوطن والحرية على الساعة الثالثة من مساء ذلك اليوم والإضراب قد شمل البلدة كلها وأغلقت فيه جميع المحلات الخاصة والعامة حتى المدارس التي كانت أضربت من قبل، جاءت طائرات العدو فحلقت طويلا بسماء البلدة باعثة صفيرا مزعجا، ثم أطلت ست عشرة عربة مقلة جنودا من اللفيف الأجنبي ودخلت البلدة أربعة، أربعة تمشي رويدا وما كاد الفوج الأول يصل وسط البلدة حتى بدأ طلق النار فانهال الرصاص على البلدة، فردّ الثوار على النار بالمثل وألقوا بقنابل ذات فتائل مشتعلة فانفجرت محدثة دويا هائلا زلزل الأرض زلزالا عنيفا تخال البلدة دمرت تدميرا وتوالى القصف وتكرر رمي القنابل وحمي الوطيس: الرصاص ينصبّ من كل جانب والقذائف تهبط كالصواعق واكفهر الجو وانتشر الدخان واشتعلت النيران هنا وهناك وظل الرصاص يصبّ كالمطر، وأصبح الثوار وقد زاد عددهم... لا يفكرون في الاتقاء أو الاحتماء يرمون بلا مبالاة في ثبات ومهارة وهناك أفراد من الشبيبة في سرعة يمدون الذخيرة المكدسة داخل بعض المستودعات الموصدة يخرجها لهم مسؤولون عنها من نوافذ وفوهات خلفية لاصقة بالسقوف وتواصل القتال فاستشهد بعض الرجال والنساء وعلا التكبير والتهليل والزغردة واختلط أزيز الرصاص بدوي القنابل وصياح البعض... «نموت، نموت ويحيا الوطن، فازداد الثوار حماسا واندفع إلى الميدان أربعة شبان فرموا قذائفهم، أصاب الأول ثلاثة جنود سقطوا مكانهم وأصاب الثاني عربة فاحترقت وقتل الثالث قبل أن يتمكن من الرمي وأصاب الرابع اللاسلكي فصار دخانا فانقطع اتصال المهاجمين بمن كان يرشدهم ففتر الرمي وهدأ القتال بعد أن دام نحو الساعتين فجمع العدو خسائره.. وقفل راجعا ولاذ الثوار بالفرار... وجاء ناس آخرون فحملوا أولئك الشهداء.. وقد خيم الحزن على الجميع سرى نبأ هذه المعركة إلى كثير من العواصم ورددته الإذاعات وقالت إحداها «دارت معركة عنيفة بين القوات الاستعمارية وثوار طبلبة فرد الثوار الجنود على أعقابهم وباتت طبلبة بأيدي الثوار..».
المناضل سالم بالحاج عمر
«الواقعة في مخيلتي كأنها وقعت البارحة.. كان منزلنا ب«صوالة» مقرا دائما للاجتماعات السياسية التي يترأسها أفراد الشعبة ومن بينهم الطاهر معرف وشقيقي عبد السلام بالحاج عمر.. في تلك الفترة كانت تصلنا الأخبار عن مماطلات فرنسا وصعوبة المفاوضات مع حكومتها وكانت تأتينا إشارات بالاستعداد إلى المقاومة بأية طريقة نراها مناسبة فشرعنا في جمع البنادق والذخيرة الحية بطريقة سرية تحت إشراف الشعبة وبدأت الأحوال تسوء شيئا فشيئا خاصة بعد عمليات المداهمة المستمرة التي كانت تصدر عن الجندرمة الذين كانوا كثيرا ما يقتحمون الأماكن العمومية والخاصة ويضطهدون ويعتدون على الأهالي بالضرب والإهانة والسخرية بينما تتوخى الشعبة سياسة ضبط النفس والإعداد الرصين لرد الفعل في الوقت المناسب... ثم جاءتنا الإشارة بأن يلتحق كل فرد بمكانه ويرابط فيه... أما المعركة فقد دامت أكثر من ساعتين «لتبقى المدينة بين أيدي أهاليها» مثلما صرّحت به إذاعة «لندرة» يوم 28 جانفي 1952 وبعد دفن الشهداء اقتحم العسكر المنازل والدكاكين لاعتقال المناضلين ومن بينها منزلنا فخرجت إليهم حتى لا يتم التنكيل بالعائلة فاقتادوني إلى ثكنة سوسة حيث مارسوا ضدي كل أنواع التعذيب وكان معي الحبيب بالغالي وصالح علالة بعدها التحق بنا في نفس الزنزانة عبد الحميد بالغالي وعلي ومحمد بلغيث ومحمد بالفقيه وغيرهم وكانت التهم الموجهة إلينا تزويد المقاومين بالذخيرة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.