تشهد العديد من المنتديات وصفحات ال«فايس بوك» في الأيام الأخيرة تصاعد الاحتجاجات ضد اتصالات تونس واتهامها بالتسبب في تعطيل خدمات الهاتف عبر الانترنيت التي تمكن من اجراء المكالمات بالصوت والصورة من أي مكان في العالم مجانا. وكان منطلق الاحتجاجات من تونسيين يقيمون بالخارج وخصوصا أوروبا والمشرق تعودوا اجراء اتصالات بالصوت والصورة عبر شبكة الانترنيت، الا أنهم فوجئوا في المدة الأخيرة بتردي مستوى الاتصال وانقطاعه المتكرر واتهموا اتصالات تونس بأنها السبب في ذلك لأن مثل هذه الاتصالات المجانية تحرمها من مداخيل مالية هامة تأتي عادة من المكالمات الهاتفية الدولية. التاريخ وتتم خدمة الاتصال بالانترنيت بواسطة تقنية «الصوت عبر بروتوكول الانترنيت» المعروفة تقنيا باسم «VoIP». وقد كانت هذه التقنية احدى ثمرات تطور الانترنيت والاستعمالات التي لم يكن مطورو الانترنيت يتوقعونها أصلا. وقد بدأ التواصل بين الناس عبر شبكة الانترنيت ضمن بوابات الرسائل الآنية الفورية والتي تحولت فيما بعد وبسرعة مذهلة الى الدردشة أو التشات الذي تطور بدوره من مجرد النصوص المكتوبة الى الصوت ثم الصورة. وكان من ثمرة هذا التطور ظهور برامج خاصة بالتحادث الفوري بالصوت والصورة وركبت كبار مؤسسات البرمجة على هذه الموجة فظهر برنامج «مسنجر» الذي طورته مايكروسوفت ثم سكايب الذي أحدث فعلا ثورة حقيقية في الاتصال بين الناس أينما كانوا وبصفة مجانية. وفي ظل تلك التطورات التقنية غير المتوقعة، بدأ الاتصال الهاتفي التقليدي يعرف بعض التراجع وخصوصا بين الدول، فيما انخرطت حتى كبريات المؤسسات في العالم في الاستفادة من هذه التقنية التي خفضت كلفة مكالماتها الهاتفية الى حدود مذهلة تبرر هذا الخيار الذي لا يتطلب أي استثمار خاص أو استثنائي غير الحاسوب والانترنيت. ونظرا لتضاعف عدد مستعملي هذه الخدمة، فقد ركبت حتى مؤسسات الهاتف التقليدي الموجة وعملت على الاستفادة منها بدل محاربتها عبثا، ولكن ظهرت تطبيقات بسيطة تمكن من الاتصال الهاتفي التقليدي لكن عبر شبكة الانترنيت، حتى أنه يمكن شراء أجهزة هاتف سلكية عادية في ظاهرها لكن بها أزرارا تحيل مباشرة على الانترنيت لاجراء المكالمات لما في ذلك من تخفيض في كلفة الخدمة لشركات الهاتف وتخفيف الضغط على الشبكة الهاتفية. ومع مرور الأعوام، حققت خدمة «VoIP» نجاحات متواصلة ومفاجئة طالت حتى الهاتف الجوال من الجيل الثالث المزود بتقنية «وي في» التي تمكنه من النفاذ الى الانترنيت وبالتالي اجراء المكالمات عبر الشبكة مجانا. كما جعلت هذه التطورات مراكز النداء تعتمدها مع تغييرات بسيطة لمزيد الفاعلية، أما في تونس فقد فتحت هذه التقنية باب الصراع بين اتصالات تونس وحرفائها. صمت وانكار يعود أول خلاف بين اتصالات تونس وحرفائها حول الاتصالات الهاتفية عبر سكايب خصوصا الى عدة أعوام، لما تبين أن العديد من نوادي ومحلات الانترنيت تدعو حرفاءها الى اجراء المكالمات الهاتفية مع الخارج بكلفة الانترنيت أي 1200 مليم في الساعة، أي بكلفة رمزية مقارنة بالأسعار التي تطبقها اتصالات تونس، ونظرا الى كثافة الجالية التونسية بالخارج والتي تقارب مليون شخص، فان الضرر كان فادحا للشركة. وهكذا ظهرت أول حملة على مستعملي سكايب ومسنجر في تونس بتعطيل خدمة «VoIP» عبر الشبكة. ورغم أن اتصالات تونس نفت دائما أي مسؤولية لها في هذا التعطيل فإن مصادر رسمية منها وصفت استعمال الانترنيت لاجراء المكالمات الهاتفية بأنه مخالفة للعقد بينها وبين الحريف واستعمال الانترنيت لغير ما تم الاتفاق عليه. غير أن الحملة سريعا ما خفتت ازاء الاستعمال المكثف لشبكة الانترنيت في المكالمات بالصوت والصورة والذي لا يمكن منعه في النهاية. وفي المدة الأخيرة، اشتكى العديد من مستعملي الانترنيت من تردي خدمات سكايب ومسنجر وانقطاع الاتصال «بفعل فاعل». وفي البداية توجهت الاحتجاجات الى مزودي الانترنيت في تونس لكنهم ردوا بقوة بأنه لا دخل لهم في تعطيل الخدمة مع الاشارة ضمنا وكما جرت العادة دائما بتوجيه الاتهام الى اتصالات تونس. ومثلما حدث في السابق أيضا، فقد نفت مصادر رسمية من اتصالات تونس أي دور لها في هذا المنع. وفي المدة الأخيرة، انضمّ الى قائمة المحتجين أصحاب مراكز النداء الذين يستعملون نسخا متطورة من «VoIP» لاجراء المكالمات واشتكوا من تعطيلها. ورغم أن اتصالات تونس تتحصن رسميا بالصمت وتنفي بصفة غير رسمية أي علاقة لها بهذا الأمر، فان معلومات تسربت مؤخرا عن وجود اتفاق بينها وبين مؤسسة أجنبية تعرض برنامجا للمكالمات عبر الانترنيت ضمن بروتوكول «SIP»، وهي تعمل على نشره في تونس خصوصا بين المهنيين مثل أصحاب مراكز النداء. وتستمر الاحتجاجات عبر المنتديات وصفحات ال«فايس بوك» حيث تم تكوين مجموعة ضد اتصالات تونس، فيما يقول خبراء مختصون ان عمليات الحجب والتعطيل لن تطول بسبب التطور المذهل لشبكة الانترنيت وظهور حلول لكل أزمة كما حدث دائما في تاريخ الانترنيت.