تمّ الإعلان نهاية الأسبوع الفارط عن نتائج الدورة الأولى لامتحانات الباكالوريا ، وفي الوقت الذي تنصبّ فيه اهتمامات المؤجلين لدورة التدارك من أجل الالتحاق بصفوف زملائهم الناجحين وتدارك النقص المسجل خلال الامتحانات الأخيرة ،في نفس ذلك التوقيت تتواصل أفراح الناجحين وعائلاتهم وأصدقائهم وسط اشتعال التفكير والتخمين في ما بعد الباكالوريا أي في الحياة الجامعية والتي بدايتها عملية التوجيه الجامعي. وما من شكّ في أنّ لهذه العملية أهمية عالية وفائقة لتأمين حسن الاختيار على التخصص الدراسي الجامعي ومن ثم الانطلاق إلى آفاق أخرى متعلّقة بالاندماج في الحياة المهنية والاجتماعية ، ومن المؤسف أنّ البعض من الأولياء لا يزالون يتعسفون على واقع إمكانات أبنائهم فيطلبون توجيها لا يتناسب مع مؤهلاتهم ومعدلاتهم بل ويضغطون على أبنائهم لإجبارهم على اختيار هذا التخصص أو ذاك. إنّها مرحلة دقيقة من الحياة التعليمية لأبنائنا ، مرحلة تقتضي حسن الإدارة خاصة من الأولياء المطالبين بمرافقة أبنائهم في اختيار التخصصات والمسالك الجامعية العليا التي تتناسب لا فقط مع تطلعاتهم بل وهو المهم مع طاقاتهم وقدراتهم التي كشفت امتحانات الباكالوريا عن جزئها الأهم ، إنّها مرحلة ترفض المجازفة والمغامرة بمستقبل الأبناء التعليمي ، هذا المستقبل الذي لا يُمكنه أن يكون ناجحا وناجعا ومثمرا على النحو المرجوّ إلاّ بتحقّق الترابط السلس والمنهجي وضمان استمرارية طاقات وقدرات المتعلّم على النحو المنسجم والمتناسق. لقد توفّرت اليوم بفضل الإصلاحات المتتالية لنظام التعليم العالي مسالك تعليمية واسعة ومتعدّدة تضمن أكثر ما تضمن الترابط السريع مع احتياجات سوق الشغل ، ومن المؤكّد أنّ حسن اختيار التوجيه الجامعي ومسلك التعليم العالي هو بوابة أولى لضمان الحصول على الشهادة الجامعية ولاحقا الإقبال على سوق الشغل بقدر هام من الامكانيات والأفكار والشخصية المتوازنة. بقي أنّ على الإداريين المشرفين على قبول عملية التوجيه الجامعي محاولة تأمين التوجيه السليم لأبنائنا وإن اقتضى الأمر ، التخلي عن منطق الكمبيوتر والعودة إلى مسيرة التلميذ المدرسية كاملة وذلك تجاوزا لبعض حالات سوء الجاهزية التي تُصيب بعض المترشحين للباكالوريا وتحرمهم في آخر اللحظات من تحقيق التوجيه الجامعي الذي يأملونه. إنّّها مسؤولية مشتركة قوامها وهدفها وغايتها تأمين الطريق السليم لأبنائنا بعيدا عن كل أشكال الضغوط أو الانعكاسات السلبية الخطيرة لبعض الانتكاسات العابرة.