بيروت (الشروق) أمين بن مسعود : في قلب العاصمة اللبنانية بيروت.. في حديقة جبران خليل جبران التقت مسيرات اللاجئين الفلسطينيين التي انطلقت من مخيمات عديدة.. ولمدة أربع ساعات كاملة والمتظاهرون الفلسطينيون واللبنانيون يجوبون شوارع بيروت حاملين الأعلام الفلسطينية واللبنانية للتأكيد بأنهم لم ينسوا الوطن التليد ولا البلد الذي احتضنهم لسنوات عديدة ولا يزال.. ما ان تطأ قدماك حديقة جبران خليل جبران حتى تلحظ فلسطين القضية والرمز متجسدة أمام ناظريك.. شيوخ تجاوزوا العقد الثامن من العمر ولم يغادر حلم العودة الى الأرض قلوبهم ووجدانهم.. أطفال رضع ولدت مفاتيح البيوت التي هاجروا منها معهم وتحولت الى أصبع سادس من أصابع اليد.. تجمعوا لدعوة المجلس النيابي اللبناني لاقرار الاصلاحات التي يستحقونها وينتظرونها.. مساء أول أمس.. انكفأت أعلام الفصائل والتنظيمات الفلسطينية وبقيت وحدها أعلام فلسطين مرفرفة ليس في حديقة جبران خليل جبران فحسب بل وفي كل بيروت.. فكانت وحدة كثيرا ما سمعنا عنها وقليلا ما رأيناها متجسمة على أرض الواقع.. يقول اللاجئون الفلسطينيون انهم سئموا الاكتظاظ وملوا من الحرمان.. يقولون انهم لا يريدون مواطنة لبنانية بل اصلاحات اجتماعية واقتصادية.. ويشددون على أن الحقوق اللبنانية لا تعني البتة العقوق لفلسطين, التاريخ والقضية والسياسة.. ويتساءلون كما يتساءل سامي عقل مسؤول جبهة التحرير العربية في شمال لبنان ل«الشروق» عن السبب الذي يجعل 80 بالمائة من سكان اللاجئين عاطلين عن العمل.. وعن الأسباب التي تجعل اللاجئين المهجّرين من النهر البارد يسكنون في مخازن متداعية وليس في مساكن تحترم انسانيتهم... ويستفسرون كما استفسر سفير فلسطين في لبنان عبد الله عبد الله عن الأسباب التي تجعل 216 فلسطينيا فقط يعملون من مجموع 136 ألف عامل أجنبي . ويضيف ل«الشروق» أن الرسالة بشكلها ومضمونها وصلت من اللاجئين الى الحكومة وننتظر أن يتم التعامل معها بطريقة ايجابية مشيرا الى أن هذه الاصلاحات لا ولن تؤثر على البنية الديمغرافية أو المصلحة الاقتصادية اللبنانية.. نفس الفكرة عبر عنها فتحي أبو العردات أمين سر حركة فتح في لبنان مؤكدا أن هذه الحقوق ستبنى على أساس التكامل وليس التضاد مبينا أنه من حق اللاجئين التملك والعمل. وعلى الرغم من هذا، فان المطالب باقرار الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للاجئين لا تحظى باجماع لبناني سياسي. فبعض الأطراف أبت الا أن ترفض نص مشروع القرار الذي تقدم به اللقاء الديمقراطي بزعامة وليد جنبلاط لأسباب «سياسية» وأخرى اجتماعية اقتصادية.. رفض لم يكن غائبا عن بال السفير الفلسطيني في بيروت الذي أكد أن السلطة الفلسطينية قدمت ضمانات للحكومة اللبنانية حتى لا تتردد في دعم هذه الخطوة والمضي بها الى مستوى التجسيد.. ضمانات قال عنها أبو العردات انها تبدأ من رفض التوطين والعزم الدائم على العودة الى الوطن ولا تنتهي عند عدم خلق مشاكل اقتصادية في البلاد. «من يرفض تأييد منح الحق الفلسطيني للفلسطينيين يرفض عودة اللاجئين الى ديارهم واسترجاع الأرض والعرض» هكذا لخصت المناضلة الفلسطينية ليلى خالد المشهد وهكذا اعتبرت أن دعم فلسطين يبدأ من الوقوف مع أهلها المشتتين».. ذلك أن الحياة الكريمة تحفظ الذاكرة وتصون القلوب عن الزيغ والتيه والانسان عن التطرف والارهاب.. ولا يزال الجدل اللبناني قائما بين مؤيد ومعارض للحقوق.. ولا يزال اللاجئون متمسكين بحقوقهم وعازمين على نيل مطالبهم حتى لا يتحول المخيم الفلسطيني الى شبه قطاع غزة المحاصر والمجوّع وحتى لا تتحوّل سفن كسر الحصار عن غزة الى سفن وقوافل لفك الحصار عن المخيمات الفلسطينية كما نبه الى ذلك رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري.