عندما يشتد الظمأ... وتجف قرائح المنادين بالسلام... عندما تغيب المواقف الشجاعة يطل علينا الشعراء بقصائهم والصحفيون بأقلامهم والفنانون بأغانيهم لإعلان الحرب على الأعداء من خلال فضحهم والتشهير بجرائمهم في حق الأبرياء ودعاة العدل والحرية. لا سلاح لهم سوى أغانيهم وموسيقاهم التي أعجب بها مارسيل خليفة واعتبرها وسيلة أخرى لقمع الاحتلال فيما كان هؤلاء الشبان يحظون بدعم كبير ومتواصل من قبل الشاعر الراحل محمود درويش بل كان دوما يتباهى بهم رغم قلّة التجربة حين أسسوا فرقتهم... تتألق فرقة «دام» الموسيقية من ثامر التغار البالغ من العمر 30 سنة وشقيقه سهيل 25 سنة وصديقهما محمد الجراري 26 عاما كبر هؤلاء الشبان في مدينة «اللد» المحتلة التي يسكنها خليط من العرب واليهود وهي تبعد عن القدس حوالي 20 كيلومترا... بدأ ثامر مع أخيه سهيل بموسيقى «الهيب هوب» منذ سنة 1997 ثم تعرفا على محمد الجراري الذي كان يكتب لهما الأغاني... وبعدها أسس الشبان الثلاثة فرقة «دام» وهي مزيج من الأغنية العربية والغربية وهمّها الأساسي فضح الكيان الصهيوني كما غنت الفرقة بعض الهموم الاجتماعية التي فرضها الاحتلال ويتخبط فيها الشعب الفلسطيني كالعنف والجنس والمخدرات والانقسام الداخلي وانتقاص حقوق المرأة... تأثر هذا الفريق بموسيقى بعض الفنانين العرب أمثال الشيخ إمام عيسى ومارسيل خليفة وماجدة الرومي دون التغافل عن السيدة فيروز ووديع الصافي فصدرت لهم مجموعة من الألبومات نذكر منها «غريب في بلادي»، «مآلي الحرية»، «إرهابي»، «نشيد الشارع» حيث وجدت هذه الأغاني صدى كبيرا ومتميزا ليس في الشارع العربي فحسب بل حتى في الشارع الأوروبي والغربي بصورة أشمل فقد دعتهم بعض البلدان كفرنسا وسويسرا وألمانيا وبلجيكا وبريطانيا... وتركيا لإحياء سهرات فنية في جامعاتها أو في مراكز الجمعيات والهيئات الناشطة في مجال حقوق الإنسان... بل وعرفوا في الولاياتالمتحدة وفي أمريكا الجنوبية وأستراليا... كما اعتمدت بعض الأفلام السينمائية والأشرطة الوثائقية ومعارض الصور موسيقاهم التي اخترقت الصمت الإسرائيلي وعملائه والتخاذل العربي لتدغدغ ضمائر الشبان في كل مكان من العالم ولتحدثهم عن معاناة الإنسان الفلسطيني من جراء الغطرسة الصهيونية... فإذا بموسيقى «الراب» الفلسطينية تعتبر إحدى الوسائل التي انتشرت بين الشباب الفلسطيني في المناطق المحتلة منذ 1967 ومناطق عرب 1948 والتي يعتقد الشباب أنها أفضل وأهم وسيلة للتعبير عن الوضع الفلسطيني الموجع وتوعية العالم عليه... آخر عمل أنجزته فرقة «دام» أغنية على نفس النمط بالعبرية لمحاولة دخول بيوت الشباب في فلسطينالمحتلة.. فهل يصبح «الراب» العربي لغة تعبيرية جديدة للوصول إلى العالم؟ تونس في القلب وفي حوار له مع مجلة «الجيل اللبنانية» أكد مؤسس الفرقة المذكورة ثامر التغار أن تونس هي أفضل البلدان العربية على مستوى دعمها للقضية الفلسطينية حيث تميزت أراؤها ومقترحاتها بالاعتدال... وأن الشعب التونسي الوحيد الذي لم يهادن أبناءه فكانوا دوما السباقين للتضحية ومناصرة أشقائهم في الأراضي المحتلة من خلال ما قدموه من مساعدات مادية وأخرى معنوية معتبرة فكان الرئيس القائد المرحوم ياسر عرفات يتباهى بتونس قيادة وشعبا... كان يبكي كلما ذكر اسم تونس والرئيس بن علي... كان دوما يقول لنا «هؤلاء إخوانكم الأصليين، فأحبوهم. بدوره كان يقول صاحب «أثر الفراشة» الشاعر الكبير محمود درويش كل العواصم وجدتها مهتمة إلا في تونس فقد استنشقت عطرا من صنع إلهي خاص، درويش مثلما أشارت والدته أنه دوما يذكر تونس بخير كان يبكي هو الآخر عندما يتصفح ألبوم صوره ويقف أمام إحداها التي تمثل توسيمه من قبل رئيس الدولة، ثامر التغار تمنى لو تتاح له الفرصة ويزور تونس مع فرقته لتقديم عروض غنائية بها ومن ثم التعريف بنشاطها وتوجهها الفني ومشاركة الشباب التونسي أفراحه وما أكثرها فلدينا ما شاء الله من المهرجانات الشبابية المعروفة عالميا كفرحة شباب تونس واكتشافات الجم وغيرهما مثلما غنت ماريا كاري فلمَ لا يكون لشبان فلسطين لقاء موسيقي مع أشقائهم؟