في زيارتي الأخيرة الى القاهرة أواخر شهر جانفي الماضي حاولت أن ألتقي الشاعر الكبير محمد عفيفي مطر ...نجحت في العثور على رقم هاتفه الذي مدّني به الروائي سعيد الكفراوي ونجحت في ضبط موعد معه لكن الموعد لم يتمّ لأنّ عفيفي سرعان ما ملّ القاهرة وعاد الى قريته ليعيش مع الفلاّحين وهي الحياة التي إختارها منذ سنوات طويلة بعد عودته من العراق في أواخر الثمانينات . عندما قرأت ما أوردته الصحف المصرية عن رحيل عفيفي مطر تذكّرت إفتتاني به وبتجربته في الحياة مع الفلاّحين في «الغيط»وقصائدة المكتوبة بطين الأرض المصرية التي عشقها ,اخلص لها ورفض أن تدنّسها إتفاقيات «السّلام»التي أبرمها السّادات فقد كان محمد عفيفي مطر من أبرز القيادات المناهضة للتطبيع مع أسرائيل وكان من الأوائل الذين سعوا الى تأسيس حركة ثقافية مناهضة للتطبيع كما كان من أبرز المثقفين المصريين الذين رفضوا مساهمة الجيش المصري في التحالف الذي قادته الولاياتالمتحدةالأمريكية على العراق . كان محمد عفيفي مطر شاعرا ممتلئا برائحة الأرض المصرية التي يسقيها النيّل وكان منتصرا في شعره وحياته لبسطاء المصريين الذين يكافحون من اجل الرغيف وقد إختار أن يعيش في قريته بعيدا عن الأضواء منصتا لأصوات الفلاّحين حين يغنّون بين الحقول والمزارع مسلما نفسه لحكايات البسطاء . كان محمد عفيفي مطر مختلفا في شعره وفي حياته مخلصا في نضاله من أجل الحياة الجميلة ضدّ سرطان أخبث من كل الأمراض الخبيثة اسمه أسرائيل .