تعززت المدونة الابداعية للشاعر صالح الطرابلسي باصدارين جديدين في مدار الكلام العالي وأرض المجاز، «أنكيدو» و «مطر لقبرة البراري». والشاعر صالح الطرابلسي كتب المقالة الصحفية والمقالة الأدبية وكتب القصة السياسية أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات وقد أصدر سنة 1994 أول مجموعة شعرية «للفرح الظامئ» وتلاها بثانية سنة 1997 بعنوان «قصائد من جمر وماء». ضمن مجموعة «أنكيدو» الصادرة عن دار سنابل للنشر بسليانة يؤكد في سياقات شعرية ملتهبة على ان الكتابة هي فعل قتل بالاساس... قتل لكل منغصات الحياة، قتل للزمن الهارب وللذات الخربة ولصدأ الحديد وأفيون الاسمنت... انها الكتابة، بخور العقل وعبق الذات ورحيق تتشهاه النفس الولهى... ولذلك ربما اختار الشاعر اسطورة أنكيدو لتكون عنوانا لمنجزه الشعري، ذلك ان أنكيدو هو الباحث عن نبتة الخلود في ملحمة «لامش»، وقد تعانقت مجمل نصوص هذه المجموعة الشعرية لتجعل الحياة فخاخا للأمل والحرية وتقف حيال الشجن والرقباء والجسد العليل. أما المجموعة الشعرية الثانية والتي جاءت بعنوان «مطر لقبرة البراري» فهي ايضا لم تبتعد عن مناخات المجموعة الاولى، بل كانت في عمقها، قريبة من رؤى الشاعر، منصهرة في أحلام ومنسجمة مع تفاصيل الفتى الذي ما أنهكه درب الحياة المتعرّج والمتسربل بالرياح والأنواء. فعبد «البيان الحبري» الذي صدّر به الشاعر مجموعته، رصفّ نصوصه الشعريّة بشكل تصاعدي بدءا من «مطر لسماء التجلي» ومرورا ب «مطر لمعصرات الذاكرة» و «مطر لنوّارة الصبا» و «مطر من أهازيج حنيني» و «مزامير للحب والحياة» وصولا الى «هو الحب اذ يستبد»، رصفّ نصوصه لترتفع سياجا عاليا من الحب والبراري والرايات الخفاقة لتجعل من قلبه عرشا شاسعا بلا حد... يصف الشاعر صالح الطرابلسي رحلته بحثا عن «نبتة الخلود» فيقول: «تعب السفر وما تعب السندباد تعب الفرح الظامئ وما تعب الماء ما تعب الولد واقفا...»