بشكل لم يسبق له مثيل انتشرت في أوساط الأسر التونسية الظاهرة المعروفة باسم «الرمو» المخصصة أساسا لمساعدة الثنائيات الجديدة على تحمل مصاريف الزواج التي شهدت ارتفاعا كبيرا خلال السنوات الأخيرة. وما يلفت الانتباه أن الظاهرة اجتاحت العديد من الحفلات، و»اللمات» العائلية، بعد أن كانت مقتصرة على حفلات محدودة أبرزها الحنة (رجل وإمرأة) والختان، وبعض المناسبات العائلية (نجاح)، فمن لم تف بواجباتها تجاه العروس أثناء سهرة «الحنة» أصبحت مدفوعة بحكم العادات، والتقاليد المستجدة الى دفع مبلغ «الرمو» في حفل الزفاف نفسه، وهذا ما حدث في أكثر من مناسبة خلال الصيف الحالي. **احراج وككل ظاهرة اجتماعية يرتبط «الر مو» بعدة طرائف تحدث من حين لآخر لتؤكد مدى تفشي الظاهرة في كل الأوساط وتعطي صورة على مشهد يعانق «السريالية» أحيانا، ويضع بعض الأشخاص في أوضاع محرجة لا يحسدون عليها، فقد روى أحدهم والعهدة عليه أنه اضطرّ الى التخلي عن ثمن فاتورتي استهلاك الماء والكهرباء بعد أن وجد نفسه في وضع أجبره على إخراج ما في جيبه رغم أنه لم يفكر في «الرمو» أصلا. وحدث ذات مرة أن رفض أحد العرسان مبلغا ماليا ضخما لأنه لم يكن متأكدا من اعادته عندما يحين موعده. فقد اقترح عليه صديق حميم أن يقبض ألف و500 دينار عربون محبة ووفاء، وكمساعدة عينية على تحمل مصاريف الزواج، لكنه امتنع عن أخذ المبلغ المرتفع، وأعاده الى صاحبه. وهكذا تأزمت العلاقة بين الصديقين، ولولا تدخل الأحباب لحصل ما لم الشقاق وانتهى بهما الأمر الى القطيعة. **تقسيط ومن الطرائف المرتبطة بظاهرة «الرمو» الدفع بالتقسيط بعد الاتفاق مع العريس أو العروس على كيفية الدفع، وآجال الاستخلاص باعتبار أن بعضهم لا يرى، في الأمر مزية بل واجبا اجتماعيا يفرض على صاحبه التحلي بالوفاء، والالتزام مهما كانت التضحيات، ويرى بعضهم أن «الرمو» تحول بمرور الوقت الى فرض من فروض الزمالة والصداقة، وهو عادة فرضتها الكثير من المعطيات والحيثيات منها المصاريف المرتفعة للزواج، وتفضيل العديد من العرسان السيولة على الهدايا مهما ارتفع ثمنها. ويقال إن العديدين استفادوا من هذه الظاهرة بطريقة ذكية حيث استثمر بعضهم الأموال الطائلة المتأتية من «الرمو» ، والتي تصل الى آلاف الدنانير في استكمال بناء منزل جديد أو شراء أمتعة ومعدات ثمينة. ويؤكد علماء الاجتماع أن «الرمو» من الظواهر الاجتماعية الايجابية لأنها تمتن العلاقات بين الأفراد والأسر، لكن بشرط ألا تتحول الى ثقل مادي يؤرق أصحاب العائلات الوفيرة العدد ومتوسطي الدخل الذين لا يستطيعون مجاراة النسق التصاعدي لظاهرة «الرمو».