تونس الصباح حفلة الزفاف يتطلع لها المقبلون على الزواج برؤى حالمة وبشوق انتظار دام سنين وسنين.. غير ان «ليلة العمر» لم تعد اليوم ذاك الحلم الوردي الذي داعب خيال كل شاب او شابة بل اصبحت بمثابة كابوس مزعج بددت مصاريفه ونفقاته احلامهم لينفقوا في سويعات معدودة ما ادخروه سنوات عدة.. وما سيجهدون النفس في تسديده من ديون طائلة.. ارتفاع تكاليف حفلة الزواج وكثرة متطلباتها من ابرز العوائق التي تعوق من يتوق الى دخول القفص الذهبي ليصبح الزواج بالنسبة للكثيرين حلما صعب المنال.. 500د هي اقل كلفة لكراء فستان عرس «عادي». في حين تصل الفساتين الاخرى الى 2.500د لتتجاوز احيانا بنبرة يملأها التحسر تقول (نادية) 26 سنة طالبة ومتزوجة حديثا: «خلال التحضيرات للزفاف لفت انتباهي فستان ورغبت في كراءه غير ان ثمنه جعلني اتراجع فقد وصلت كلفته الى 1500د وهو ما اعتبره قمة الغلاء ولا يمكني ان اضع كل هذا المبلغ في بضع ساعات.. صحيح انه جميل لكنه لا يستحق كل هذا المبلغ» وبلهجة غاضبة تدخل (سليم) زوجها ليقول: «رغم اقتصارنا على المستلزمات الاساسية لحفلة الزفاف الا ان كلفته بلغت قرابة 6 الاف دينار فكيف سيكون الحال اذا واكبنا اخر صيحات حفلات الزفاف اليوم..». ارتفاع تكاليف حفل الزفاف لا يقف عند فستان العرس بل يتجاوزه ليشمل الحجز في الفندق او كراء قاعة افراح الذي سيقام فيه حفل الزواج وما يتطلبه هذا الحجز او الكراء من مصاريف. «عاطف» وهالة» عمر زواجهما ايام معدودات يقول عاطف «اقيم في المهجر وبالتحديد في باريس وقد تمكنت طيلة السنة من توفير مبلغ مالي محترم خلته يغطي تكاليف الحفل ولكن اصطدمت بارتفاع نفقات متطلباته الاساسية، فقد دفعت في كراء قاعة الفندق 1500د و900د هي كلفة الحلاقة التي قامت بتزيين زوجتي و800د ثمن كراء فستان الزفاف.. وغيرها من المبالغ الهامة متطلبات اساسية لم استطع مجابهتها الا بتدخل الاهل ومساعدتهم لي...». «العوادة» كما اتفق البعض على تسميتها من العناصر القارة في حفلة الزفاف والتي تحيي بشكل فاعل ليلة العمر لتقتل جيب عريس تحمل مصاريف جمة في جلبها حيث ادنى سعر ل«عوادة» يبلغ 450د لتصل الى 2000د. في مناسبات عدة هذا اذا كانت «العوادة» بعناصرها القارة اما اذا كان الحفل يتضمن وجوها فنية معروفة فتصل التكلفة الى 3000د. يقول (جمال) 35 سنة يعمل في احدى الشركات الخاصة وخاطب منذ 3 سنوات «ليلة الزفاف بمختلف تفاصيلها تتطلب الملايين وانا افكر جديا في هذه المصاريف قبل ان اقدم على هذه الخطوة حتى لا اعيش ضائقة مالية بعدها». لاشك في ان حفلة الزفاف اليوم ارتبطت بالكثير من النفقات والمطالب والتي يجب على الزوج ان يأخذها بعين الاعتبار وتأمين حلويات العرس الى جانب المشروبات من الاساسيات ولكن اليوم تأمينها يشكل صعوبة بالغة لاسيما مع موجة ارتفاع الاسعار يقول مالك 35 سنة (فني في الاعلامية): «الاف الدنانير يتكبدها المقبلون على الزواج في تأمين حلويات العرس والمشروبات ومع هذا فهي تعد من الاساسيات ولا يمكن الاستغناء عنها تحت أي ظرف من الظروف» تفاصيل عدة في «ليلة العمر» يتحمل اعباءها الزوج فالراغبون في الزواج من الفئة المتوسطة صاحبة الدخل المحدود التي تعتمد على رواتب لا تتناسب مع حجم مصاريف حفلة الزفاف وخاصة مصاريف ادق تفاصيلها. «حتى الورود انتقلت اليها عدوى غلاء الاسعار» هكذا يقول سفيان (33 سنة) موظف وسيتزوج خلال هذه الصائفة حيث يوضح: «تكاليف ليلة الزفاف اليوم قاسية جدا وهي وان تتسم بغلاء قاهر في متطلباتها الاساسية فان ادق تفاصيلها كباقات الورود التي تزين قاعة العرس وحتى باقة الورد الصغيرة التي تحملها العروس في يدها التي يفوق سعرها 100د. اضحت بدورها مشكلا كبيرا» مضيفا: «أستغرب من العائلات التي تدرك جيدا مدى ارتفاع النفقات والتكاليف وتطالب الشاب المقبل على الزواج بالمزيد وكأن «كراء الصالة» و«العوادة» لا تكفي حتى نلاحق ادق التفاصيل..». تيار غلاء الاسعار شمل ايضا بطاقات الدعوة التي اصبح يتفنن البعض اليوم في شكلها ولونها وحتى طريقة صياغة الاستدعاء لتتجاوز تكلفتها هي ايضا حدود المعقول مما جعل (سامي) 32 سنة موظف يختار ابسط تصميم لا تتجاوز كلفته 150د. عازفون ام عاجزون؟ اضحت مصاريف حفلة الزفاف عائقا امام المقبلين على الزواج فعدم القدرة على تأمين متطلباته الاساسية يدفع بالبعض الى طرح فكرة الزواج يقول امين (34 سنة) استاذ تعليم ثانوي: «كيف اجابه متطلباته؟ لقد طرحت من ذهني فكرة الزواج رغم ضغوطات والدتي المتواصلة فعائلة العروس عادة ما تكون تعجيزية وزيارة على طلبات العروس فقد خطبت مرتين وتراجعت لعدم قدرتي على مسايرة تيار ارتفاع تكاليف ليلة العرس». عزوف الكثير من الشباب اليوم عن الزواج وتأخر البعض منهم ظاهرتان ألقتا بظلالهما على الحياة الاجتماعية فتعددت الاسباب الكامنة خلفهما لتكون حفلة الزفاف احد اسباب هذا العزوف وفي هذا الاطار يقول (ماهر) 37 سنة (موظف): «لم اتمكن من الزواج بسبب التكاليف المرتفعة لليلة الزفاف وتمسك كل بنت اعرفها بمظاهر وهمية مثل فرقة موسيقية من اعلى طراز وفنانة تحيي الحفل واشياء اخرى مما لا نقدر عليها نحن اليوم. ارتفاع نسب العزوف عن الزواج كشفت دراسة قام بها ديوان الاسرة والعمران البشري ان نسبة العزوبة بلغت 67% من المنتمين الى الفئة العمرية 25 29 سنة كما اكدت الدراسة ارتفاع نسبة العزاب الذكور لاكثر من 85% مقابل 49% للاناث لتؤكد الاحصائيات ان عزوف الشباب يرجع الى تكاليف الزواج الباهضة وعوامل اخرى.