اعترفت الحكومة العراقية المعينة في إحصائيات رسمية لها نشرت أمس بأن هناك نحو مليون أرملة في العراق المحتل اليوم. ونقلت تقارير صحفية في هذا الاطار شهادات بعض من أرامل العراق اللاتي كشفن عن حقائق مروّعة حول مأساتهن التي وصفنها ب«الكارثة». ونقلت التقارير في هذا الصدد عن السيدة حميدة عايد التي حمّلت الاحتلال المسؤولية عما حل بأرامل العراق وبكل العراقيين عموما... وتتلقى حميدة مساعدة شهرية من الحكومة قدرها 150000 دينار (نحو 130 دولارا) بالإضافة إلى 15000 دينار (نحو 12 دولارا) لكل من أبنائها وبناتها. ولكن بعد عامين من الجهد لجمع الأوراق الرسمية والتوقيعات على طلبها، ولأنها لا تعرف أحدا يعمل في منصب رسمي كبير يسهل الأمور لها، تقول حميدة إنها قررت التوقف لأن وقوفها الدائم في صفوف طويلة لجمع هذه الأوراق والتوقيعات جعلها تهمل أبناءها البالغة أعمارهم 10 و12 و15 عاما. ولذلك فهي تحاول توفير احتياجاتها واحتياجات أولادها من خلال بيع المنتجات الغذائية ومياه غازية من منزلها في إحدى المناطق الشيعية في جنوب بغداد حيث اضطرت إلى الانتقال من منطقة سنية بعد مقتل زوجها في سلسلة هجمات انتقامية بين السنّة والشيعة عام 2007. وتقول حميدة: «لقد تحوّلت حياتنا إلى بؤس وشقاء. وهذا ما جلبه إلينا الاحتلال وأحلام الديمقراطية: الأيتام والأرامل والمشردون والمهجّرون والهاربون». إلا أن نهضة حميد، مسؤولة شؤون المرأة بالحكومة العراقية، تشير إلى أنه على الرغم من أن أعمال العنف قلت حدتها فإن إطلاق النار المتقطع والتفجيرات ما زالت ترفع أعداد الأرامل في العراق». وعادة ما تجتمع الأرامل عند المقابر، ويجلسن القرفصاء على الأرض المتسخة بجانب مقابر أزواجهن، يبكينهم، وتحلو لهن الذكريات تحت شمس قاسية، ويجلس الأطفال في ظلّهن يمسكون بعباءات أمهاتهن في صورة تعكس حجم المأساة التي يكابدونها في العراق اليوم. وفي المدن تركّز الأرامل على العمل من أجل البقاء ويسعين وراء مساعدات لا تسد قوتهن. وفي مقابلات، تحدثت الكثير من الأرامل عن مشكلاتهن التي تشبه مشكلات حميدة. وتقول جنان مبارك، التي ترأس جمعية غير حكومية تعنى بتعليم النساء وتدريبهن على العمل: «لدينا عدد من الأرامل ينذر بكارثة، وهي مشكلة لها أبعاد اجتماعية خطيرة وهناك يتامى تقلقنا أوضاعهم». وقد أصبحت قضية توفير الدعم لهؤلاء الأرامل، اللاتي ليس لديهن أي مصدر دخل، الشغل الشاغل لمنظمات وجمعيات، وكذلك للسلطات العراقية. وكانت الحكومة العراقية المعينة قد أنشأت عام 2008 مديرية الرعاية الاجتماعية للمرأة وهي التي يُنقل إليها الآن وبشكل تدريجي مسؤولية صرف الرواتب من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، والتي وُجّهت إليها الكثير من الاتهامات بالفساد وعدم القدرة على أداء مسؤوليتها. ولكن، تشكو نهضة، رئيسة المديرية، من نقص التمويل اللازم للقيام بخدماتها خارج العاصمة وتفتقد السلطة اللازمة للإصلاح والقضاء على الفساد في قطاعات الوزارة المسؤولة عن التعامل مع كل ما يتعلق بالأرامل. وهناك اختلاف كبير بين أرامل عراق صدام والعراق المحتل، فقد كان الرئيس الشهيد صدام حسين خصص قطع أرض ومعاشات سخية لأرامل الحرب العراقية الإيرانية التي قتل فيها نصف مليون عراقي وإيراني.