بعد غياب طويل كان لي شرف حضور إحدى جلسات المهرجان الوطني للأدباء النّاشئين وقد كان فرصة للقاء عدد من الكتّاب ممّن لم ألتقهم منذ زمن بعيد. هذا المهرجان متواصل منذ سنوات رغم محدودية إمكانياته وهو أقدم مهرجان للأدباء النّاشئين شكّل لسنوات رحما لولادة تجارب أدبية في الشّعر والنّقد والقصّة. هذا المهرجان الصغير في إمكانياته والكبير في دوره وطموحاته يفترض أن يلقى دعما أكبر من وزارة الشباب والرياضة والتربية البدنية لأنّ أهدافه في صميم أهداف الوزارة التي تعمل على تربية الناشئة وتمكينهم من فرص ثقافية لإعداد جيل متشبّع بقيم التنوير والحداثة أمّا وزارة الثقافة والمحافظة على التراث فأعتقد أنّه تقدّم للمهرجان ما يكفي من دعم وتبقى بلدية تونس هي الطّرف الأساسي في تنظيم هذا المهرجان الذي يغالب الصعاب من أجل أن يبقى. هذا المهرجان ذكّرني بمهرجانات أخرى تعاني من صعوبات مالية جمّة بل هناك مهرجانات لا تملك حتّى ميزانية مهما كانت بسيطة ولا تتجاوز إمكانياتها بعض العروض المدعومة فهل نسمّي هذه السّهرات مهرجانات؟ إنّ ملف المهرجانات يحتاج الى حوار وطني حقيقي ففي الوقت الذي تنفق فيه الملايين على عروض بلا نجاعة ولا جمهور ولاجدوى تعاني الجهات الدّاخلية وضواحي العاصمة ذات الكثافة السّكّانية العالية من إنعدام الإمكانيات المالية لتنظيم سهرات محترمة خاصة مع إستقالة معظم البلديات من دعم النشاط الثقافي وغياب فضاءات الهواء الطّلق فمعظم المهرجانات الصيفية مازالت تنظّم في المدارس والإعدادايات والمعاهد الثانوية؟! بل هناك مهرجانات فاق عمرها العشرين عاما ولا تملك مسرحا للهواء الطّلق ويكفي أن نستحضر بعض الضواحي الهامّة في تونس الكبرى مثل التّضامن أو المروج فهما من أكبر الضواحي ومع ذلك لا تتوفّر فيهما مسارح للهواء الطّلق وهذا أساسا دور البلديات.