الصيف التونسي هو صيف المهرجانات بامتياز فلا تخلو مدينة واحدة بل قرية من جنوب البلاد الى شمالها ومن الساحل الى الشمال الغربي من مهرجان تحت أسماء تتراوح بين الايام الثقافية والمهرجانات المحلية والوطنية وصولا الى المهرجانات الدولية وهذه الحركية الثقافية تترجم بلا شك رهان الدولة على الانسان وتنمية قيم الحداثة والتنوير والمجتمع المدني وهي القيم التي لا تصنع خارج الثقافة والابداع. هذا الحراك الاستثنائي يخفي حقيقة تثيرها المهرجانات من صيف الى آخر تتعلق بالبنية الأساسية فهذه التظاهرات التي ترعاها وزارة الثقافة والمحافظة على التراث بشكل كلي تقريبا تشكو من غياب دعم المجالس البلدية باستثناء بعض البلديات التي تساهم في النشاط الثقافي بصيغ مختلفة ولكن المساهمة الفعلية المطروحة الآن على البلديات هي مسارح الهواء الطلق فعدد مسارح الهواء الطلق محدود جدا في تونس قياسا بعدد المهرجانات التي تقام في غير مكانها الطبيعي فتلجأ هيئات المهرجانات الى الملاعب البلدية والى المؤسسات التربوية وفضاءات الاطفال وحتى الى «البطاحي» أحيانا لاقامة السهرات واعتقد أن هذا شيء غير طبيعي بالمرة وعلى المجالس البلدية أن تمنح الاولوية المطلقة لاقامة المسارح خاصة أن وزارة الثقافة والمحافظة على التراث لا تبخل بالتجهيز كلما طلب منها التدخل. وفي انتظار أن تتجند المجالس البلدية وتجعل من مسارح الهواء الطلق أولوية مطلقة في الدورة النيابية الحالية على وزارة الثقافة أن تلتفت الى دور الثقافة التي تعاني من غياب التكييف وخاصة في المناطق الداخلية البعيدة عن البحر والتي يعاني سكانها من ارتفاع الحرارة من شهر ماي الى شهر أكتوبر مما يجعل من عروض دور الثقافة عقوبة وليست متعة فوزارة الثقافة والمحافظة على التراث التي تنفق المليارات لاقامة المركبات الثقافية على أحدث النماذج المعمارية والمواصفات التقنية عادة ما تتغافل عن مسألة التكييف فمناطق مثل القصرين وجندوبة وقبلي وتطاوين ومدنين وقابس والقيروان والكاف وباجة من المفروض أن تكون كل دور الثقافة فيها مكيفة حتى تكون قادرة على احتضان العروض في أقسى درجات البرد وأقصى درجات الحرارة حتى تتحقق النجاعة الثقافية المنشودة.