أخطبوط، محللون، متابعون، فنيون، استطلاعات الرأي، كلها رشّحت الماتادور الإسباني ليبسط نفوذه على الكرة العالمية وكلهم لم يجانبوا الصواب رغم أن بعضهم صدقوا وإن صدفوا مثل الأخطبوط بول... السيناريو كان واضح المعالم وإسبانيا رحلت إلى جنوب إفريقيا لتؤكد تفوقها في «أورو2008» وهذا دليل على أن ما يجري حاليا في إسبانيا كان مخططا له منذ مدة فهذا المنتخب كان يسير بطبيعته نحو التفوق العالمي. فالرياضة الإسبانية عامة تشهد طفرة نوعية بداية بفوز منتخب كرة اليد بأول بطولة للعالم في 2005 بتونس وفوز منتخب السلة بأول لقب له في اليابان 2006. نعود لكرة القدم لنقول إن الإسبان لم يفوّتوا على أنفسهم فرصة استغلال هذا الجيل ليقدموا للعالم بطلا جديدا في كرة القدم فقد كانوا على علم أنهم أمام فرصة تاريخية لا يمكن أن تتكرّر فمؤشرات النجاح كانت عالية والعمل الذي انطلق منذ 2003 من خلال كأس العالم في الإمارات بدأ يعطي ثماره حيث بدأت تتكون نواة منتخب قيل في شأنه الكثير في ذلك الوقت، ثم جاءت سيطرة برشلونة على الكرة العالمية منذ 2006 لتهب إسبانيا روافد النجاح الذي بدأ يتبلور بظهور جيل كاسياس وراموس وتشافي ودافيد فيا وبيول وإنياستا بعدها ظهر نجم أتليتيكو مدريد توريس، ثم ألونسو ودافيد سيلفا، وجاء الدور أخيرا على بيكي وبيدرو وبوسكيتس وخيسوس نافاس وكان وقتها أراغونيس العجوز قد بدأ البناء والهندسة للمستقبل واختفت الانقسامات الكروية بين مدريديين وكاتالونيين وباسك وتعلّق الجميع بذلك الحلم الجميل فجاءهم الغيث بقطرة أولى في 2008 لم تطفئ ظمأهم بل زادتهم عطشا للارتواء من ينبوع ماء يضخّ ضخّا في أراضي جنوب إفريقيا... كذلك فعلت فرنسا بين 1998 و2000 وإيطاليا 2006 ومن قبلها هولاندا في 1988 وألمانيا 1974 والأرجنتين 1986 كلهم آمنوا بأن الفرصة التي تأتي مرة من خلال جيل ذهبي يحمل ملامح البطل يجب أن تستغل كاملة... إلا نحن مازلنا نتعلق بالأمل في انتظار الصحوة التي عادة ما تفاجئنا بأسوإ، فلم نخطط وننجح إلا مع منتخب كرة اليد في السنوات الأخيرة منذ مونديال 2005 أما في باقي الأحوال فتركنا أمرنا للصدفة وحبسنا أنفاسنا لضربة الحظ، فخسرنا جيل 2001 و2003 ولم نستثمر نجاح 2004 وها أننا نكرّر نفس الأمر مع طموح جيل بدأنا نغتال أحلامه في مهدها لأننا لم نفهم بعد أن كرة القدم تحولت إلى صناعة وبرمجة وتخطيط ليس المهم فيها أن تنجح بسرعة بل الأهم أن تنجح أخيرا... نؤمن بالصبر لكننا لا نصبر، نقيس بالعاطفة فنهدم ما بنيناه في لحظة نعود إلى نقطة الصفر نضيع البوصلة والبرامج، فيما العالم وجيراننا وإخواننا يخطون خطوات عملاقة نحو التفوق...