لم يرتق الأداء الهجومي في هذا المونديال إلى مستوى انتظارات محبي اللعب الجميل الذي تجسمه كثرة اهتزاز الشباك. هذه النسخة من كأس العام كانت الأضعف بين نظيراتها التي شهدت مشاركة 32 منتخبا وإجراء 64 مباراة إذ كانت نسبة التهديف خلالها 2،27 هدفا في كل مباراة في حين كانت النسبة في المونديال الفارط بألمانيا 2،30 هدفا في اللقاء أما في اليابان وكوريا فكانت 2،52 هدفا لتكون نسخة فرنسا 98 هي الأفضل ب2،67 هدفا في المباراة الواحدة لتبقى النسبة الأعلى للتسجيل في مونديال 54 بسويسرا والتي بلغت 5،38 هدفا في اللقاء الواحد أما الأضعف على الإطلاق فهي النسبة المسجلة في مونديال ايطاليا 90 والتي لم تتجاوز 2،21 هدفا. شح الأهداف في المونديال الافريقي لا يفسر بتمرد «جابولاني» على اللاعبين لأنها أضرت بالحراس أكثر منهم بل لطغيان الحسابات التكتيكية الدفاعية في الدور الأول الذي خلال 16 لقاء لم يتم تسجيل إلا 25 هدفا فحسب بمعدل 1،56 هدفا في كل لقاء وقد طبع الحذر المفرط حتى أداء المنتخبات المعروفة بنزعتها الهجومية مثل البرتغال والكوت ديفوار اللذين انتهى لقاؤهما على التعادل السلبي ونفس الأمر انطبق على مباراة البرتغال والبرازيل في حين تعطلت «الماكينة» الهجومية لبطل الدورة المنتخب الاسباني صاحب أحسن خط هجوم خلال التصفيات المؤهلة للمونديال ب28 هدفا إذ لم يسجل خلال لقاءاته السبعة في جنوب إفريقيا إلا ثمانية أهداف فقط. حصيلة مخجلة حصيلة البطل في هذه الدورة تعتبر مخجلة إذا قارناها بمحاصيل الابطال السابقين فهي لا تقارن بالمرة معها إذ هي المرة الأولى في تاريخ المونديال التي لا تتجاوز فيها محصول البطل العشرة أهداف كما أن دفع 8 أهداف كمهر لكأس العالم يعتبر رقما مضحكا مقارنة بما دفعه أبطال العالم السابقون ففي دورة 30 سجل البطل آنذاك الأوراغواي 15 هدفا في 4 مباريات وفي مونديال 34 سجلت إيطاليا 12 هدفا في 4 مباريات ثم زادت عن هذه الحصيلة هدفا آخر في دورة 38 في 5 مباريات. أما مونديال 50 فقد سجلت الأوراغواي 15 هدفا في 4 مباريات في حين سجلت ألمانيا أرفع حصيلة لبطل في دورة 54 بسويسرا حين هزت شباك منافسيها في 25 مناسبة خلال خمس مباريات لتسجل البرازيل 16 هدفا في 6 مباريات في مونديال 58 ثم سجلت 14 هدفا في 6 مباريات في مونديال 62. لتسجل انقلترا في كأس العالم 66 خلال 6 مباريات 11 هدفا وحين رفعت البرازيل كأسها العالمية الثالثة سنة 70 سجلت في 6 مباريات 19 هدفا لتسجل ألمانيا 13 هدفا في مونديال 74 في سبع مباريات التي ستصبح العدد الأقصى للمباريات للبطل في الدورات القادمة حيث سجلت الأرجنتين في مونديال 78 : 16 هدفا ثم في دورة إسبانيا 82 سجلت إيطاليا 12 هدفا وفي مونديال المكسيك سنة 86 سجلت الأرجنتين 12 هدفا وحين أخذت منها ألمانيا المشعل في دورة إيطاليا 90 سجلت 15 هدفا ليتراجع المحصول حين رفعت البرازيل لقب دورة 94 إذ سجلت 11 هدفا في حين سجلت فرنسا في الدورة التي استضافتها سنة 98 : 15 هدفا ثم رفعت البرازيل في الحصيلة سنة 2002 حين سجلت 18 هدفا لتنخفض من جديد مع إيطاليا في الدورة الفارطة حين سجلت 12 هدفا. سؤال محيّر حصيلة إسبانيا من الأهداف في هذا المونديال تطرح أكثر من سؤال محير ف«لاروخا» تقدم أفضل كرة فرجوية بشهادة كل الملاحظين وتقضي النسبة الأكبر من توقيت المباريات وهي تلعب في مناطق منافسيها لكنها في المقابل لا تسجل الكثير من الأهداف وتكتفي في أغلب الأحيان بهدف يتيم فأي مفارقة هذه بين لعب جميل وأهداف قليلة؟ وهل أن قوة الإسبان فقط في احتكار الكرة و«تدويرها» فيما بينهم بلا نجاعة تذكر؟ ليبقى السؤال الأخطر ماذا لو تقدم أحد منافسي إسبانيا عليها في النتيجة في الأدوار الإقصائية هل كانت ستنجح في التدارك؟ أم هل أن الإفراط في اللعب الدفاعي الحذر من منافسيها هو ما حرمها من تسجيل حصيلة أكبر من الأهداف؟.