تطمينات متواصلة تصدر هذه الأيام عن مختلف هياكل وزارة التجارة موجهة إلى المستهلكين وكل المتدخلين في السوق مؤداها ان التزويد سيكون متوفرا خلال شهر رمضان بحجم يفوق تقديرات الاستهلاك وبأسعار تراعي قدرة المواطن التونسي. مسؤولو الوزارة وهياكلها انطلقوا في الاستعداد منذ بداية العام لتوفير المخزونات وبرمجة الانتاج حتى لا يختل العرض بازدياد الطلب وترتفع الأسعار. كل المواد الأساسية ستكون متوفّرة بالاعتماد بدرجة أولى على الانتاج الوطني، لكن بعض المواد ستعرف نقصا مثل اللحوم الحمراء وهو أمر تعلمه وزارة التجارة ولا تخفيه وهو عائد لأسباب مناخية أثرت على المربين، لكنها تسعى الى تطويقه وتأطير الأسعار وسدّ الطريق امام المضاربين والمحتكرين الذين لا تخلو منهم كل أسواق العالم والذين يتصيّدون مثل هذه المناسبات الاستهلاكية. وإن يأتي رمضان هذا العام والأعوام القادمة ايضا قبل موسم التمور فإن المخزونات كافية للاستجابة لرغبات المستهلكين اضافة الى وجود تنوّع كبير في الغلال الموسمية. وفي الحقيقة فإن تزويد السوق وتأطير الأسعار خلال رمضان ليس مسؤولية وزارة التجارة وحدها، اذ هي مسؤولية جماعية يشترك فيها المستهلكون ومنظمتهم المطالبون بممارسة ترشيد الاستهلاك والدعوة اليه وتجنب اللهفة وعدم الإقبال على المواد ذات الأسعار المرتفعة والالتزام بسلوك استهلاكي واع يقطع الطريق أمام المضاربين والمحتكرين. وقد يكون من المخجل ان يتحوّل رمضان المعظم من شهر للتوبة والرحمة الى مناسبة استهلاكية وانفاقية لا يفكر فيها المرء الا في بطنه ووفق شهواته ويساهم فيها المواطن بقصد أو دونه في ارتفاع الأسعار والإضرار بمقدرته الشرائية.