إعداد : عبد الحليم المسعودي أخيرا وبعد طول انتظار اتيحت الفرصة للفنان مقداد السهيلي ليلتقي جمهور مهرجان قرطاج الدولي.. مقداد استعد لهذا الحدث كما ينبغي ووضع في عرضه «موزيكا» كل ما يختزنه من معرفة موسيقية.. العرض آثار ردود فعل متباينة، كانت في مجملها ايجابية، وحتى الذين انتقدوا العرض، فإنهم أشادوا بخصال المطرب الفنية.. كيف تعامل مقداد مع عرض قرطاج؟ وكيف استعد لهذا الموعد الاستثنائي، وكيف تقبل ردود الفعل تجاه عرضه؟ عن هذه الأسئلة وأخرى أجاب مقداد في هذا اللقاء الذي جمعنا به مباشرة إثر العرض.. مقداد، كيف تم التحضير لهذا العرض؟ في البداية إلى أشير أن المجموعة التي قدمت العرض تعمل معا منذ عام 1996. أما التحضير للعرض فقد انطلق منذ شهر مارس الماضي، كما أجرينا تمارين على امتداد شهر كامل، كان عملا شاقا. لماذا اخترت عنوان «موزيكا»؟ «موزيكا»، هي كلمة من فقرة، موزيكا تحكي حاضرنا وتستشرف مستقبلنا الموسيقي والغنائي، أردت من خلال العرض تقديم خطاب موسيقي ولغوي مغاير ومختلف عن السائد والمتدول.. هل يعني هذا أن ما نسمعه من إنتاج موسيقي اليوم لا يستجيب لمتطلبات العصر؟ برأيي أن ما نسمعه من إنتاج موسيقي ضرب من ضروب الفرحة والسعادة والتعبير عن إحساس وحيد وهو الحب، وهو إحساس كوني يشاركنا فيه كل سكان المعمورة، فأين الخصوصية التونسية، أغنيتنا لا تساهم في التعبير عن خصوصية البلد، أنا أسعى الى تقديم أغنية ابنة زمانها ومكانها. أحاول التعبير عن الذات التونسية الآن وهنا.. دور الابداع هو عكس حقيقة وواقع الناس وإضاءة الطريق. يعاب عليك استعمالك في عرض قرطاج آلات موسيقية مختلفة عن تركيبة الفرق الموسيقية الوترية أو التخت الموسيقي؟ التركيبة القديمة للفرقة الموسيقية لم تعد تفي بالحاجة، طبعا هذا لا يقلل من قيمة هذه الآلات، مثل العود والكمنجة وغيرهما، لكن في عرض «موزيكا» اتجهنا الى المعاصر، الى التجديد في الجملة الموسيقية وفي تركيبة الفرقة الموسيقية وفي طريقة الأداء والتنفيذ.. هذا التصوّر الفني والجمالي حتم علينا استعمال آلات موسيقية محدّدة.. هل هذا يعني أنك ستقطع مع الآلات الأخرى في عروضك المقبلة؟ لا، أبدا، يمكن أن أستعمل هذه الآلات في تصوّر آخر، المسألة مرتبطة بالمشروع الذي أعدّه. البعض صدمه العرض؟ أتفهم ذلك، وألتمس لهم العذر، القطع مع المألوف والمعتاد يربك، لكن الانخراط في السائد لا يضيف شيئا لموسيقانا. من ليس له اطلاع بواقع الموسيقى في عالم اليوم لا يستطيع تصوّر واستيعاب موسيقى بديلة، لكن ليس لي الحق في الانتظار، المبدع لا ينتظر فهو القاطرة ومطلوب منه الاستشراف وإنارة الطريق. هل تعتبر مهرجان قرطاج تتويج لمسيرة أم نقطة انطلاق لمرحلة جديدة؟ لا هذا ولا ذاك، هو ترسيخ وإثبات، لأنني انتظرت هذه الفرصة وسعيت إليها وعملت كثيرا من أجلها، هي فرصة أنا جدير بها وأعدّ لها منذ سنوات وانتاجي شاهد على ذلك. ماذا بعد قرطاج؟ الحقيقة أن قرطاج حلقة في سلسلة أحلامي، أنا في حيرة فنية مستمرة وتساؤل دائم حول ما يمكن تقديمه وفي أي اطار سيتم تقديمه. لي عشرات المشاريع جاهزة ولا تنتظر إلا التنفيذ، أنا في قطيعة تامة مع الافلاس الابداعي. هل هذا يعني أنك بلغت الكمال الفني؟ لا، لم أقل هذا، الكمال غاية لا تدرك والمبدع الحقيقي في تطوّر مستمر وفي قلق إبداعي متواصل. لو أتيحت لك فرصة تقديم «موزيكا» من جديد، هل ستكون بنفس الطريقة؟ لا، أكيد هناك تغييرات سنقوم بها لكل عرض حقيقته، نحن نتعلم باستمرار وفي تطور دائم. وهل ستقدم «موزيكا» في مهرجانات أخرى بعد نجاحها في قرطاج؟ لا، هو عرض وحيد ويتيم، لقد اتصلت بعدّة مهرجانات لكن لا إجابة. ولماذا برأيك؟ لا أعرف، لقد شاهدتم العرض، وعاينتم تفاعل الجمهور، أما لماذا لم يبرمج العرض في مهرجانات أخرى. فهذا سؤال يجيب عنه المشرفون على المهرجانات.