موسيقى تعبر عن الوجدان كانت منبعثة من إيقاعات افريقية تماهت مع آلات غربية... وكلمات أغان من ذات الزمن الغابر للقبائل الافريقية... تلك هي الحفلة التي أثت قسطها الاول الفنان الافريقي اسماعيل لو ليكون القسط الثاني للفنان الجزائري «إيدير» للدورة 46 لمهرجان قرطاج الدولي... اسماعيل لو الفنان السنيغالي... اعتلى الركح صحبة أعضاء فرقته بأزياء مزجت بين العصري والموروث الافريقي فكانت الالوان الزاهية طاغية مع التصميم العصري... هذه الازياء كانت تعكس مضمون باقة الاغاني المقدمة بآلات غربية كالڤيثارة والأورغ وأخرى إيقاعية افريقية مثل الطامطام... اسماعيل غنى باللغة الافريقية الأم لسكان الجنوب هذه اللغة تُسمّى بالكريبول ورغم غرابتها وعدم فهمها إلا أن الجمهور كان في كثير من الاحيان يلعب دور الكورال ليردد بعض المقاطع ويتمايل مع الايقاعات لتحصل المتعة ويتحوّل البعض الى راقصي «الزولو» (رقصة افريقية) أو «الريڤاي» (رقصة افريقية لاتينية). حرفية الفنان العالمي «اسماعيل لو» شدت الحضور فلعب دور المنشط وخاطب الجمهور بلهجات عدة منها «الكريبول» (اللغة الافريقية الأم) واللغة الفرنسية الوافدة زمن الاستعمار واللغة العربية باعتبار تواجد هذا الفنان في بلد عربي (تونس) كل اللهجات كانت تصب في خانة واحدة: «تحيا افريقيا وتحيا تونس ومرحبا نحن في قرطاج بوابة الثقافة تجاه العالم». اللهجات أو اللغات التي أجادها «اسماعيل لو» كانت طباقا لفنان يجيد كذلك العزف على آلة النفخ والڤيثارة والاورغ فحصلت المتعة في القسط الاول لكنه حصل بعض النشاز وكاد أن يسقط في فخ الملل. فاسماعيل ردد كلمة افريقيا ما يقارب ربع الساعة وكلمة لم نفهمها وهي «ساڤا» طيلة 10 دقائق... أو معزوفة فاقت زمن الامتاع والذوق الفني الرفيع. من الجنوب الى الشمال القسط الثاني من السهرة انتقل بالجمهور من حضارة الجنوب الافريقي الى الشمال ليؤثثه الفنان الجزائري «إيدير» إذ مزجت آلات العزف بين الغربي والافريقي (آلة الناي) وأزياء أعضاء الفرقة كانت من لباس «الدجينز». إيدير تكلم باللهجة الفرنسية ولم ينطبق بكلمة عربية واحدة رغم درايته بها، خاطب الجمهور الذي استقبله بالشماريخ والتي لم نلحظها سابقا في عدة دورات حتى أن الاهازيج وطريقة التعبير بالترحاب كانت غير مألوفة من جمهور قرطاج لنكتشف أن عديد الجماهير قدمت من ليبيا والجزائر لمؤازرة «إيدير» فحولت مدارج المسرح الاثري بقرطاج الى مدارج ملاعب كرة القدم... وكان جميعهم يتحدثون: «لغة الشلحة» هذه اللغة الأم لسكان شمال افريقيا. إيدير غنى بلغة أجداده (الشلحة) وقدم معزوفات تركت بعض الانطباع الجيد للجمهور لكن وعلى ما يبدو فإن الجمهور الذي آزر وشجع إيدير حاول إضفاء المتعة وإنجاح القسط الثاني من الحفل على حساب القسط الاول. لكن حرفية اسماعيل لو بضحكته المتواصلة وتنشيطه على الركح وغنائه مصحوبا بعزف عديد الآلات ومخاطبة الجمهور بأكثر من لغة. تركت الانطباع الجيد ورجحت الكفة له وحتى نعطي لقيصر ما لقيصر فإن إيدير قدم أروع الاغاني والمعزوفات ليخبر الجميع أنه صاحب إرث يستطيع بفضله الوصول الى العالمية وشد الحضور دون تشجيع أر مؤازرة لبعض المتفرجين الذين أحدثوا نشازا ليس في صالح الفنان القبائلي الجزائري.