بعيدا عن الصخب وعن أشباه الغيورين على الفن الأصيل كان جمهور مهرجان سوسة على موعد مساء الخميس مع نوبات من المالوف والموشحات والسلامية من خلال عرض موسيقي هو السادس من جملة ثمان من عروضها المبرمجة في جولة هذه الصائفة في اطار التبادل الثقافي التونسي الليبي بامضاء فرقة مصراتة للمالوف والموشحات والألحان العربية بقيادة الشيخ علي عبد اللّه عفط بمصاحبة تسعة عازفين ومجموعة صوتية بنفس العدد مع مجموعة أخرى تضمّ سبعة أطفال. أسس هذه الفرقة المرحوم الشيخ محمد بن ابراهيم سنة 1988 وإضافة الى الحفاظ على هذا الموروث الموسيقي فإن هذه الفرقة تتبنى دور التكوين والتأطير ضمانا لاستمراريته على حدّ تأكيد قائدها الشيخ علي عبد اللّه من خلال لقاء جمعه ب «الشروق». سلامية في «ثوب مالوف» يشير اسم الفرقة الى النوعيات الموسيقية الموظفة ولكن تفاجأ الجمهور الحاضر والذي كان حضوره محتشما بأداء الفرقة للون السلامية الذي طغى على فقرات العرض وعلّل قائد الفرقة ذلك «بناء على تلبية بعض الرغبات» ومن جملة اثنتي عشرة نوبة من المالوف الموجودة بليبيا تمت تأدية واحدة فقط حيث انطلقت السهرة بمقام السيكا من خلال أغنية «يا غصن النقا مكلّلا بالذهب» تلاه موشّح شرقي «أهوى قمر»، ثم ومن طبوع الرست أدّت الفرقة «قد زاد عشقي»، وبعد مقطوعة موسيقية ظهرت الدفوف وانقلبت الفرقة الى سلامية بأداء مجموعة من الأناشيد الدينية المعروفة توسطتها مقطوعة موسيقية لعبد اللّه السباعي. تعامل ناجع ومثمر مفاجأة هذه الفرقة لم تكن السلامية فقط بل تمثلت في تواجد سبعة أطفال على الركح لأداء جوابات جسموا فيها نجاعة هذا التوظيف وصورة ميدانية للتواصل وتفعيل عقلية الغيرة على الموروث الموسيقي في مختلف أصنافه وخلّفوا بذلك تميزا مزدوجا يتمثل الأول في الحضور الجيد لهذه الأصوات الطفولية وثانيا في البادرة المحمودة في تأسيس جيل لا تخونه ذاكرته الى جانب التميز العام لكل هذه الفرقة التي كانت اختيارا أكثر من صائب وأكيد أنه حرم من نشوته الجمهور الغائب.