تونس (وات) احيت فرقة المعهد الرشيدى للموسيقى التونسية بقيادة الفنان زياد غرسة ليلة الجمعة حفلها الشهري الذي افتتحت به موسمها الثقافي2008/2009. وخصصت جزءا هاما منه لتكريم الفنانة الكبيرة صليحة وذلك تزامنا مع احياء الذكرى الخمسين لرحيلها واستهل الحفل بمقدمة موسيقية من تلحين الفنان خميس ترنان مع تقسيم على العود العربي لزياد غرسة الذي يتقن العزف على هذه الالة ليفسح المجال للمجموعة الصوتية لاداء وصلة من الموشحات في طبع النوى على غرار /اذا نبكي من الهجران/ و/يا قلبي صبرا/ و/جس الرباب/. اما تكريم الفنانة صليحة فكان من خلال اداء باقة مختارة من اشهر اغاني هذا الصوت الخالد على غرار /مع العزابة/ و/بخنوق/ و/ام الحسن غنات فوق الشجرة/و/يالايمي على الزين/و/دار الفلك/ المالوف في صلب اهتمامات المعهد الرشيدي يعتبر المعهد الرشيدي للموسيقى التونسية من المدارس الفنية البارزة في تاريخ الثقافة التونسية والعربية المختصة اذ انه يضطلع بدور هام في المحافظة على المالوف ونشره وتعليمه مع العمل على احداث انماط موسيقية جديدة. كما يشكل المعهد الرشيدي الذي تاسس في 3 نوفمبر 1934مؤسسة مرجعية للموسيقى التونسية الاصيلة حرص الرئيس زين العابدين بن علي على اعادة الاعتبار لها صيانة للتراث الوطني الموسيقي والغنائي واحياء له. ومن هذا المنطلق يجري العمل في صلب هذا المعهد على مزيد العناية بهذا التراث وبالتحديد بالمالوف الذي يمثل احد مكونات الهوية الوطنية والموروث الحضاري الذي يتم الحرص على نقله الى الاجيال القادمة بكل حذق وامانة وعلى اشعاعه في الداخل والخارج. ويحتل المالوف مكانة بارزة في التعليم الموسيقي في تونس وذلك بالتركيز على الجانب اللحني بتدريس جملة من طبوع المالوف على غرار المزموم والسيكاه والحسين. اما التعليم المختص الذي يفضي الى استاذية الموسيقى بالمعهد العالي للموسيقى او الى اعداد التلاميذ لاجتياز الامتحان الوطني لديبلوم الموسيقى العربية فهو يعتمد في جانب كبير منه على المالوف التونسي في مختلف الاختصاصات والمواد المدرسية كالايقاعات والمقامات والغناء والاملاء والقراءة الغنائية او المقامية. ولا يمكن في هذا المجال اغفال الدور الايجابي الذي يلعبه المعهد الرشيدي في تعليم المالوف للاجيال الجديدة من المختصين والمولعين بهذا الفن الذي جرى تدوينه بعد سنوات قليلة من تاسيس المعهد الرشيدي اذ قام الاستاذ محمد التريكي بترقيم نوباته وواصل العمل فيما بعد الاستاذ صالح المهدي من حيث طبع نشريات المالوف الذي يتكون من مجموعة من النوبات التي تسمى باسماء الطبوع الملحنة فيها وعددها ثلاثة عشر نوبة منها الذيل والسيكاه والحسين والمايه والمزموم والرمل. ويرجع تاريخ تركيبة نوبات المالوف حسب المختصين الى القرن الثالث عشر ميلادي وتتكون النوبة الكاملة للغناء في بلدان المغرب العربي من نشيد واستهلال وعمل ومحرك وموشحة وزجل وتتفق هذه الاقسام في جلها مع المراسم التي وضعها للغناء ابو الحسن علي ابن نافع الملقب بزرياب وهو اشهر موسيقي اندلسي توفى نحو سنة 845 ميلادي. وكانت فرقة المالوف قديما تضم غالبا اربعة عازفين ومنشدا او اكثر وهم عازفون على آلات العود التونسي والرباب والطار والنغارات ثم تطور هذا العدد مع دخول آلات الكمنجة والفيولنسال والكنترباص مع تراجع في استعمال آلة الرباب والعود العربي الذي اشتهر بالعزف عليه الفنان الطاهر غرسة ثم ابنه زياد الذي اخذ عليه هذا الاختصاص وهو يشغل حاليا خطة المدير الفني وقائد فرقة الرشيدية.