... وأنا جالس في مقهى تئن بما حلمت وسط شارع طويل في مدينة فزعة. سكانها ساهرون لا يعرفون السبات بين «الون والطن» شبابها غير المحظوظ انهم خريجو الجامعات عاطلون عن العمل. معاشهم بين كراسي المقاهي التي ملتهم والشوارع والازقة التي مروا بها مرارا فكرهتهم، لكنهم لم يغضبوا ولم يتغيروا ولم يغيروا واقعهم. جاءني النادل غير مبتسم لأني ابن جلدته، طلبت قهوة وبقيت أنتظر متصفحا جريدة أخبارها قرأتها صباحا في جريدة أخرى. مر ولد صغير، عمره لا يتجاوز العاشرة حاملا في يديه أعشابا طفيلية وضعها بين رقبة شاب وأعلى قميصه وانصرف غير عابئ بما اقترف. لم يهرب، كان واثق الخطوة يمشي، لم يلتفت وكأنه وضع ما بيديه في حاوية قمامة. الشاب الضحية كان يهاتف أحدهم فلم يقم من مكانه، أنهى المكالمة، أخرج الاعشاب، حك جلده. وبمرارة ابتسم...