وأنا جالس في مقهى تئن بما حملت وسط شارع طويل في مدينة فزعة. سكانها، ساهرون لا يعرفون السبات بين ()«الون والطن» شبابها غير المحظوظ خريجوا الجامعات، عاطلون عن العمل معاشهم بين كراسي المقاهي التي ملتهم، والشوارع والأزقة التي مروا بها مرارا فكرهتهم، لكنهم لم يغضبوا ولم يتغيروا ولم يغيروا الواقع، جاءني النادل غير مبتسم لأني ابن جلدته، طلبت قهوة وبقيت أنتظر متصفحا جريدة، أخبارها قرأتها صباحا في جريدة أخرى، مرّ ولد صغير عمره لا يتجاوز العاشرة حاملا في يديه أعشابا طفيلية وضعها بين قميص شاب ورقبته وانصرف غير عابئ بما اقترف، لم يهرب، كان واثق الخطوة يمشي، لم يلتفت وكأنه وضع ما بيديه في حاوية قمامة! الشاب الضحية كان يهاتف أحدا لم يقم من مكانه أكمل المكالمة، أخرج الاعشاب، حك جلده وبمرارة ابتسم. أحمد حمودة - تونس «الون»: صوت النموس