ليس غريبا عن اليمين الفرنسي عامة والرئيس نيكولا ساركوزي خاصة أن يشحن خطابه السياسي وأن يوجه مقارباته الاجتماعية والاقتصادية نحو «شيطنة الاقليات العرقية والدينية حتى وان كانت فرنسية الجنسية والمواطنة... ذلك أن اليمين الفرنسي يعيش منذ عقد تقريبا عواصف ثقافية وحضارية تسعى الى التباين مع الطرح الديغولي والنأي عن تصوراته التحررية مما جعله أي اليمين الفرنسي أقرب الى أطروحات المتطرفين العنصريين مثل الجبهة الوطنية بزعامة جون ماري لوبان منه الى تمثلات ورؤى الوسط أو اليسار السياسي. نيكولا ساركوزي... الرئيس الفرنسي من أصل مجري، ما انفك يضرب المثل تلو الآخر على ضيق برنامجه الرئاسي وافتقار حزبه الحاكم بعد خروج عتاة اليمين الديغولي الى رؤية واضحة تعالج ازمة ما تسمى بالهجرة والمهاجرين دون المساس بوضعهم المدني وحقهم الانساني في الانتماء الى وطن يماثل أهواءهم وأحلامهم. ساركوزي، ومن حيث لا يدري أكد من خلال دعوته الى استصدار قانون يسحب بمقتضاه الجنسية عن كل «مجرم» أجنبي الاصل يهدد حياة رجل الامن رؤيته المتعصبة للأقليات وعقليته الامنية الزجرية. ذلك ان التهديد بسحب الجنسية بسبب تشكيل خطر على رجل أمن يحيل الى نظرة استعلائية للأقليات تكون بمقتضاها الجنسية شرفا وهبة ومنة تفرض عليهم دائما البرهنة على أنهم يستحقونها وتستوجب منهم «رقيا» أخلاقيا قد لا يتوفر في الجنسيات الاخرى وهو أمر لا يعكس فقط «نرجسية» ساركوزي لدى تعامله مع الجنسية الفرنسية وانما يجسد وهذا هو الاخطر صورة دونية للمواطنات الاخرى التي ينتمي اليها «المجرمون الاجانب». هذا اضافة الى التدخل السياسي في الجانب القانوني الذي يشرعه هذا الاقتراح باعتبار أنه اما يعوض العقاب الجنائي بعقاب مدني أو أنه يضيف للعقوبة القضائية عقابا مدنيا وهو كما نرى اقحام للسلطة التنفيذية في القضائية لا تقبله الجمهوريات الوليدة فما بالنا بالجمهوريات التليدة فضائح ساركوزي كثيرة جدا... وزلاته أكثر... قد لا نجانب الصواب اذا اعتبرنا أن أخطاءه في حق «الجمهورية» أشد وطأة من أخطائه في حق «السلطة والحكم والنفوذ»: وقد لا نبالغ ان قلنا ان فرنسا تحتاج اليوم وأكثر من أي وقت مضى الى من يعيد بثلاثيتها المبدئية «الحرية المساواة الاخاء» روحها ووجدانها بعيدا عن لغة التعصب وخطاب الاقصاء.