برامج استراتيجية واضحة.. ثقة متبادلة بين كل الأطراف.. تنفيذ فعلي لما يقع الاتفاق عليه وعدم الاكتفاء بالحبر على الورق وب«استعراض العضلات» في وسائل الاعلام.. اختيار الشخص المناسب للمكان المناسب وتحميله المسؤولية كاملة.. الاقتداء بالتجارب النموذجية للدول المشابهة. عينة من الاقتراحات والدعوات قدمها مختصّون وخبراء في الشأن السياحي صباح أمس بالعاصمة خلال ندوة لاستعراض نتائج دراسة استراتيجية للقطاع السياحي في أفق 2016 أنجزها مكتب دراسات خاص وأشرف على أشغال الندوة السيد حبيب عمار المدير العام للديوان السياحي وحضرها محمد بلعجوزة رئيس الجامعة الوطنية للنزل والسياحة والطاهر السائحي رئيس الجامعة الوطنية لوكالات الأسفار وعدد من المسؤولين والمتدخلين في القطاع. كان واضحا من خلال نتائج الدراسة المذكورة والتوصيات المنجرة عنها ومن خلال ما تبعها من مداخلات لأهل الاختصاص.. وحتى من خلال بعض الكلمات و«الايحاءات» و«الهمسات» وملامح وجوه الحضور أن القطاع السياحي في تونس يتخبط منذ سنوات طويلة في أزمة «قاتلة» عجز عن الخروج منها وألحقت مضرّة كبرى بالقطاع على مختلف المستويات مما جعل بعض الدول الأخرى التي لم تكن لها تقاليد سياحية تذكر إلى حدود السنوات الأخيرة «تقفز» أبعد منّا وترسي قطاعا سياحيا قويا يدير له كل أعناق العالم.. وما الكم الهائل من التوصيات التي جاءت في الدراسة إلا خير دليل على أن كل جوانب القطاع مسّتها الأزمة.. 162 إجراء هو العدد الجملي للاجراءات التي دعت إليها الدراسة المذكورة وتوزعت هذه الاجراءات على 5 محاور استراتيجية وهي تنويع وتجديد العرض التسويق والترويج السياحي إصلاح الإطار المؤسساتي إصلاح الجانب المالي للقطاع ودعم دور الأنترنات في تنمية السياحة.. وقد تضمن كل محور استراتيجي 4 عناصر تدخل وصفت ب«ذات الأولوية» (20 عنصر تدخل) ومنها خاصة الدعوة إلى تنويع اشكال الاقامة السياحية وتشجيع «التجديد» السياحي وتطوير ميثاق الجودة السياحي «الياسمين» والدعوة إلى إبرام شراكات (مع الناقلات الجوية ووكالات الأسفار..) وضبط أشكال مختلفة من التسويق والترويج حسب طبيعة كل بلد والدعوة إلى خلق «حدث» عالمي (مهرجان أو دورة رياضية أو غيرهما) يكون ذا صيت عالمي وقادرا على الجذب السياحي (مثل مهرجان دبي للتسوق مثلا). كما تضمنت عناصر التدخل ذات الأولوية أيضا الدعوة إلى تنويع مصادر التمويل والعناية بالجانب التكويني للعاملين في القطاع السياحي وضبط الحالة المالية للنزل بدقة ومساعدة تلك التي تمرّ بصعوبات مالية.. سواء كانت خفيفة أو متوسطة أو ثقيلة إضافة إلى مزيد العناية بالموقع الإلكتروني للديوان الوطني للسياحة وإرساء نظام الحوكمة والتصرف عن بعد وتطوير التكوين في مجال السياحة عن بعد. كل الوزارات قال مدير الديوان للسياحة إن الدراسة المذكورة أنجزت «بكل دقة» وتعرضت لعدة تفاصيل تهم مختلف الأنماط السياحية (الشاطئية الصحراوية الثقافية الايكولوجية سياحة القولف سياحة المؤتمرات السياحة الطبية).. كما تهم أيضا كل جهات البلاد حسب الخصوصيات السياحية فيها.. وقد وقع استعراض نتائج الدراسة نفسها يوم أمس على المستوى الجهوي (الحمامات نابل وسوسة المنستير وجربة وتوزر إضافة إلى العاصمة).. وقال إنه سيقع تدوين كل الملاحظات والآراء والدعوات لتبليغها للجهات والسلط المعنية على أن يقع تداولها خلال استشارة وطنية في سبتمبر القادم. وأضاف أن كل الوزارات والهياكل والسلط بما في ذلك الجماعات العمومية المحلية معنية بالنهوض بالقطاع السياحي وليس وزارة السياحة فقط وأنها ستكون مدعوة لتطبيق كل ما سيقع الاتفاق عليه نهائيات من توصيات ودعوات. داخلية لدى حديثه عن السياحة الداخلية وما تثيره من تذمرات كل سنة لدى المواطن التونسي، قال حبيب عمار أنه تمت دعوة مكتب الدراسات نفسه لتقديم مقترحات حولها وسيقع أخذها بعين الاعتبار شأنها شأن مقترحات السياحة الخارجية خاصة أن التجربة أثبتت في كل البلدان «القوية» سياحيا أنه توجد عناية كبرى بالسياحة الداخلية فيها ولا بدّ بالتالي من مزيد التفكير في أنجع الحلول والأنماط السياحية المناسبة التي تمكن التونسي من السياحة في بلده مع مراعاة امكاناته المادية الحقيقية التي عادة ما تقف حاجزا بينه وبين النزل. لا مفرّ 162 مقترحا من مكتب الدراسات المختص.. يعني أنه توجد 162 «نقطة ضعف» في القطاع السياحي التونسي.. إلى جانب نقاط وتفاصيل أخرى لهذا الضعف.. أي بلغة أخرى فإن القطاع يشكو من الضعف في أغلب وأهمّ جوانبه وهو ما يدعو إلى التساؤل عن جدوى ونجاعة «العمل السياحي» طوال السنوات الفارطة وعن أسباب استسلامه أمام تراكم نقاط الضعف إلى حدّ بلوغها هذا الحدّ وعمّن يتحمّل المسؤولية في هذا المجال.. قد تكون المحاسبة متأخرة الآن لكن على الأقل لا بدّ من وقفة حقيقية تضمن النهوض بشكل نهائي للقطاع وعدم الوقوع مرة أخرى في أخطاء الماضي.