لم يعد جديدا على الجمهور التونسي أن يشاهد مسرحية كوميدية ذات فصل واحد ويقوم بمختلف أدوارها شخص واحد في مونولوج يتدفق دون توقف من البداية الى النهاية. ولكن الجديد أن يقوم بهذا الدور المونولوجي الهزلي امرأة. (الدشرة الخبيثة) هو عنوان المسرحية الهزلية ذات الفصل الواحد التي حضرت احدى بروفاتها أخيرا في دار الشباب بقصر فصة. النص كتبه فيصل حمدي وهو الآن بصدد إخراجه للركح. أما التمثيل فتقوم به الممثلة المعروفة منال عبد القوي. والدشرة الخبيثة بلدة هادئة، ساكنة سكون القبور إذا عدت اليها بعد زمن طويل من مغادرتها لن تجد بها أي جديد. بل لعلها تكاد لشدة جمودها، على حد تعبير أحمد شوقي، إذا دارت الارض بها لا تدور: فلا تستبين سوى قرية أجدّ محاسنها ما اندثر تكاد لإغراقها في الجمود إذا الارض دارت بها لم تدُر الحياة في هذه القرية ماضية دون توقف رغم الجمود وفقدان الزمن لاي معنى. ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان. فقد طالت يد التطور الحضاري بقوانينه الصارمة الجديدة قريتنا الغافية هذه، ودخلت فجأة في عصر التكنولوجيا والسرعة والاستهلاك المحموم وها هي احدى عيونها الثاقبة تتبع هذه التغيرات والمفاجآت لتروي لنا بقلب مفتوح بعض غرائب القرية المصابة بعدوى التطور وعجائبها، وليس من حقي الآن أن أذهب أبعد من هذا في الكشف عن موضوع المسرحية. بقي عليّ أن أشير مرة أخرى الى أن فصة قد تخرج لنا هذه المرة كعادتها بعمل فني راق مثلما فعلت دائما مع الفنان الكبير عبد القادر مقداد أو عبد الوهاب ملوح أو عمار شعابنية وأحمد عامر وغيرهم. فهي مسرحية فكاهية جديدة ستنطلق دون سابقة من فصة، تقوم بمهمة الاضحاك فيها امرأة وحدها لعلها المرة الاولى حتى على مستوى العالم العربي. ونحن ننتظر منها الكثير من المتعة الفنية الراقية خاصة أن كاتبها ومخرجها هو فيصل حمدي المتحصل على جائزة الفكاهيين العرب.