ذكرت مصادر دبلوماسية ان ادارة الرئيس أوباما تدرس جدّيا تأجيل الانسحاب من العراق بعد «صرخة طارق عزيز»، التي قال فيها قبل أيام وفي حديث لصحيفة «الغارديان» البريطانية إن العراق «سيتمزق ويحترق في حال انسحاب القوات الأمريكية منه هذا العام أو العام القادم»، كما هو معلن مبدئيا. المصادر أضافت أن «صرخة» الوزير العراقي الأسير (بسبب الاحتلال) قد سمعت جلية في واشنطن ولندن وباريس.. وهذا يعني ولو نظريا أن هذه الدول وبخاصة أمريكا وبريطانيا اللتين غزتا العراق بدون مسوّغ قانوني أو أخلاقي ودمرتا دولته وأعادتاه فعلا الى القرون الوسطى، تملك فعلا عقولا تميز بها وقلوبا ومشاعر تحس بها، وكذلك آذانا تسمع بها. فقد كنا نحسب أن هذه الدول وبخاصة أمريكا وبريطانيا تعاني حالة صمم دائم تجعلها لا ترى إلا مصالحها وإن كانت في تدمير بلد وتدمير دولة ومؤسساتها وإغراق شعبها في بحور من الدماء والدمار.. وتجعلها لا تسمع غير صوت مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية وغير مصالح اللوبي الصهيوني الذي كان يدرك أن نظام الرئيس الشهيد صدام حسين هو نقيض له طالما أنه يرفع شعار المقاومة لتحرير فلسطين من النهر الى البحر.. لكن يبدو أن هاتين الدولتين وبعد الكارثة التي ألحقتاها بالعراق بلدا وشعبا ومؤسسات وبعد الفوضى الشاملة التي أشاعتاها في كامل ربوعه باتتا تبحثان حتى عن مجرد قشة للتعلق بها والتنصّل من التعهدات الحازمة التي قطعتها الادارة الأمريكية بشأن الانسحاب من العراق.. فكيف تبدي الادارتان المعنيتان كل هذا الصمم إزاء حقوق العراق والعراقيين وتدوس كل القوانين والقيم وتدمر كل شيء قابل للتدمير ثم تعود وتقول انها استمعت الى صرخة الوزير الأسير طارق عزيز واستوعبتها وانها ستعمل على تأجيل الانسحاب وبالتالي تأبيد الاحتلال؟ لو كانت سلطات الاحتلال الأمريكي تملك قلبا مرهفا ومشاعر جيّاشة الى هذا، أين كان ذلك القلب وتلك المشاعر والعراق يحترق منذ 7 سنوات بفعل الاحتلال والممارسات الهمجية التي دمّرت مقومات الحياة والأمن والاستقرار في العراق؟ وأين هو ذلك القلب وتلك المشاعر إزاء صرخات ملايين العراقيين المشردين والمهجرين والذين يفتقدون لأبسط الخدمات وتداس أبسط حقوقهم في العيش بحرية وسلام؟ وأين هذه المشاعر من صرخات 1.5 مليون مواطن محاصرين في قطاع غزة وملايين الفلسطينيين الذين يرزح نصفهم تحت الاحتلال ويحترق نصفهم الآخر بنيران المنافي والشتات؟ وقبل هذا وكله، كيف يكون الاحتلال وهو أصل البلية ولبّ المشكلة هو الملاذ والمنقذ.. وعلى هذا الأساس سيكون علىالعراقيين رهن حريتهم لدىالمحتل الأمريكي وعلى الفلسطينيين رهن تطلعاتهم المشروعة لاستعادة حقوقهم لدى المحتل الصهيوني حتى لا يحترق البلدان في حال جلاء قوات الاحتلال؟ يجب أن يأتي الأمريكان والصهاينة بعرب آخرين ليصدقوا هذه الكذبة الكبرى.. كذبة أن الاحتلال هو الحلّ وليس المشكلة!!