مع صدور البيان رقم واحد للمقاومة العراقية والعربية والاسلامية، تكون الامور قد بدأت تتضح في العراق اكثر فأكثر، سواء على مستوى نوايا الاحتلال والحكومة الانتقالية التي عيّنها، وكذلك على مستوى المقاومة العراقية واساليب عملها. صدور البيان الاول للمقاومة العراقية لابد وان يشكل حدثا مهما، في مستقبل العراق خلال هذه المرحلة التي ظهر فيها الخيط الابيض من الخيط الاسود، حيث لم تخرج اجراءات الاحتلال عمّا كان متوقعا لها منذ البداية. لقد اعترف الامريكيون ان وجودهم في العراق هو احتلال، وكذلك الاممالمتحدة في تعاطيها مع هذا الوضع. وقال الرئيس الامريكي صراحة، انه لا يرضى لبلاده ما حفّ بالعراق، وان المقاومة، من هذا المنطلق، مقاومة مشروعة. وعلى الرغم من هذا الاعتراف، فإن الممارسات على الميدان ظلت ممارسات احتلال، من خلال تعيين الحاكم المدني للعراق، الذي عيّن بدوره مجلس الحكم الانتقالي، والذي تم حلّه لفائدة حكومة انتقالية، تضم نفس الوجوه والاشخاص، الذين ارتبطوا بالاحتلال، وسهّلوا حلوله بالعراق، وقدّموا له مختلف الخدمات، وهؤلاء يقومون بترتيب اوضاع العراق، ا لسياسية والامنية طبقا لمعاييرهم الخاصة، والتي لا يمكن ان تتعارض مع الاحتلال وموقفهم منه، ويتجلى ذلك بوضوح، على مستوى التحركات التي يقومون بها حاليا لتشكيل المؤتمر الوطني، الذي سينبثق عنه المجلس التشريعي، وهي كلّها خطوات مضبوطة ومرتبة امريكيا، ويقتصر دورهم فقط على التنفيذ، وقد بدا التناقض واضحا، بين هذه الحكومة ومشاريعها، والتنظيمات العراقية الوطنية، حتى تلك المعارضة للنظام العراقي السابق، نظام الرئيس صدّام حسين. وبعد حوالي سنة ونصف من احتلال العراق، أمكن الوصول الى استنتاج رئيسي، وهو ان محتلّي العراق، لا ينوون مغادرة العراق، مهما كانت الشعارات التي رفعوها، وان وجودهم سيمتد على سنوات عديدة، وان مهمّة هذه الحكومة الانتقالية، هي تنفيذ ارادة الاحتلال وتزيين وجوده، حتى وإن تعارض ذلك مع رغبة العراقيين او مسّ مقدساتهم، كما يحدث حاليا، عندما «تسمح» هذه الحكومة للقوات الامريكية بقتال، جنود جيش المهدي، في مقابر النجف، أو في المراقد المقدّسة. وما يحدث الان من لدن هذه الحكومة، سيكون مؤشرا على ما ستسمح به مستقبلا، وعلى حدود موقفها عموما، وهو وضع لا يفتح اي آفاق لاستعادة العراق لسيادته على ارضه ومقدراته، وهو بالتالي، يفرض رد فعل منطقي، هو مقاومة الاحتلال. والمقاومة في العراق، لم تنتظر استقرار الاحتلال حتى تندلع، بل انها انطلقت مع انهيار الدولة تحت القصف والاجتياح. وبعد سنة ونصف من الكرّ والفرّ مع الاحتلال، تتوفّق المقاومة العراقية، الى توحيد فصائلها، وهي مرحلة هامة جدا، في عمل هذه المقاومة. وتوحيد الفصائل يفترض بالضرورة وجود ارضية عمل تم الاتفاق عليها بين كل هذه الفصائل، ولئن لا تبدو هذه الامور واضحة، في البيان الاول الا ان هناك اشارة هامة فيه، وهي ادانة للعمليات التي استهدفت عراقيين او مباني حكومية، بما يؤكّد ان تلك العمليات الدموية العنيفة، مثل تلك التي استهدفت الكنائس قبل ايام، إنما هي من عمل المخابرات الاجنبية المعادية للعراق، وليس من عمل المقاومة. وبتوحيد الفصائل، فإن المقاومة ستطوّر في اساليب عملها، وستكون في تعدّدها وفي اتفاقها، البديل الطبيعي عن الحكومة الحالية او التي قد تليها، ما دامت تأتمر بأوامر الاحتلال وتنفّذ اوامره.