دعوني أتحدث أكلا حتى أكون قريبا ممن تتحول أمخاخهم في شهر الصيام إلى بطونهم.. وأنضمّ إلى من يخاطبون أهل البطون بما لا يفهمون مما يستهلكون وكيف لا أنضم إليهم وقد تحولت جميع وسائل مخاطبة الناس إلى «كوجينة» مقروءة ومسموعة ومرئية من مطلع الفجر إلى مطلع الفجر. واعتمادا على المنطق البطني أقول إنه كذب وزور وبهتان من يدعي أن أغلب التونسيين لا يطالعون ولا يقرأون وإلا بماذا نفسّر كيف أصبحت الفضاءات التجارية الكبرى والمتوسطة وحتى الصغرى دورا للنشر والتوزيع لإصدارات راقية الورق رائعة الصور وبديعة الشكل تتهاطل على الناس مجانا في البيت والشارع وفي كل مكان وهي مملوءة بما يملأ البطون ويرضيها بلغة سلسلة تغازل القلوب وبأسلوب صابوني لغسل الجيوب وليس على المحتاج حرج إذا أدمن على قراءة مطويات البنوك بحثا عن قرض ثان... وثالث وعاشر... ويترك الهم لرأس الشهر وجاحد من يدعي أن «راس الهم دادا عيشة» وينسى أن رأس الهم رأس الشهر أبو «العيشة» عند الكادحين في مواطن الجهد والعرق وحتى عند المرتاحين على كراسيهم ممّن لا «يدور عندهم الهواء» إلا وهو مكيف. معذرة عن هذه الديباجة التي أقدمها مفتحات وإليكم الطبق الرئيسي آخر طبخة لا يعرفها أحد بما في ذلك المعهد الوطني للتغذية وهي طريق وطنية بالطماطم وعجّة سيارات بعصيرها نحن اليوم في موسم جني الطماطم والمحاصيل تعد بآلاف الأطنان وزخم من الشاحنات الكبرى الجارة والمجرورة مسخّرة لنقلها إلى المعامل هذه الشاحنات تنساب منها أودية من مياه الطماطم المعصورة في الطرقات المرقمة وغير المرقمة وسرعان ما تتحول تلك الأودية إلى صابون سائل وعليه تتزحلق السيارات حتى أن بعضها يتحول إلى عجين. شخصيا رأيت إحداها «عجّة» بعصير الطماطم طبعا وهذه كوجينة أخرى تنساب منها رائحة «الشياط» فهل وصلت هذه الرائحة إلى أهل الذكر في التجهيز والصحة والبيئة والحماية المدنية خاصة أن حاسة الشم تعظم في شهر الصيام؟