كل ما أعرفه أن السلط المعنية بالدين والدنيا كانت تسبق شهر رمضان المعظم بالإعداد له أكلا وشربا وإنتاجا وتخزينا وترويجا وتسويقا تماما كما لو كانت مدننا وقرانا وأريافنا مقبلة على حصار شامل أو كأن الأمر يتعلق بأكل الدنيا والتسحّر بالآخرة. في اجتماع إعدادي لهذا الشهر بمقر ولاية باجة استغربت من وجود المدير الجهوي للتجهيز وتساءلت: ما دخل هذا المسؤول عن الطرقات والجسور والبناءات المدنية في اجتماع خاص بشهر الصيام هل سيفتح الطرقات لما يستهوي الأفواه والبطون من المآكل؟ أم سيجهر الجسور لانسياب المشروبات وكل السوائل الغذائية في السدود السوقية؟ أم سيبني مخازن كبرى للتبريد؟ وكيف لا تحاصرني هذه الأسئلة والعادة تقتضي في مثل هذه الاجتماعات أن الكل يحصي بيض دجاجنا وحليب بقراتنا ولحوم أغنامنا وأبقارنا ودواجننا وخضرنا وغلالنا وكل ما هو عابر للبطون عبر الأفواه من كل مأكول ومشروب ومشموم، ماذا يفعل مدير التجهيز في اجتماع كل من فيه حسب «العادة والعوائد» يتحدث عما يجب توفيره في الأسواق غذاء؟ هل سيتحدث عن الجير والاسمنت و«حديد ستة» و«ياجور اثناش» وما الى ذلك من مواد البناء؟ والي باجة السيد كمال الصمعي أكيد أنه من منطلق مسؤوليته عن شؤون الدنيا والدين في جهته، ومن منطلق إيمانه أن شهر القرآن المعظم هو شهر عمل وعبادة أيضا فاجأ الجميع عندما شدّد في توجيهاته للحضور لا عن توفير الأكل والمأكول من غروب الشمس الى مطلع الفجر، وإنما توقف عند نعمة تغني من فقر وتسمن من جوع وترضي الخالق والمخلوق معا إنها مشاريعنا التي يجري إنجازها في شهر رمضان. كيف نراقبها؟ ومن يضمن نسق سيرها ونجاعتها؟ حفاظا على أموال المجموعة الوطنية وتعزيزا لمكاسبها.. الوالي لم يطالب بتوفير «حليب الغولة» و«بيض الديك» للمستهلك وإنما بتشديد الرقابة في الأسواق وفي حضائر الانتاج والانجاز: عندها التفت الى مدير التجهيز وقلت له مرحبا بك سيدي: إنه القطع مع العادة لذا وجبت الإشادة.