أخذت قضيّة تثبيت هوائيات الهواتف الجوالة فوق أسطح المنازل وسط الاحياء السكنية منحى جديدا بعد أن توجّه عدد من المواطنين الى القضاء الاستعجالي لدى المحكمة الابتدائية بأريانة لايقاف اشغال تثبيت احد تلك الهوائيات. وحسب نص الدعوى المرفوعة ضد احدى شركات الخطوط الهاتفية الرقمية، والموجّهة باسم اثنين وعشرين (22) شخصا، فإن الشركة بدأت في القيام بأشغال لتركيز هوائي فوق احد المنازل، وحسب الدعوى فإن الاشغال غير مطابقة للشروط القانونية، لذلك وجهوا مراسلة الى رئيس بلدية أريانة ومراسلة أخرى الى المدير العام للوكالة الوطنية للرقابة الصحية والبيئية للمنتجات ورسالة تظلم الى رئيس الهيئة الوطنية للاتصالات والى الرئيس المدير العام للشركة المعنية والمدير العام للوكالة الوطنية للترددات لكنهم لم يتلقوا أي ردّ، واعترض المدّعون على تركيز الهوائي فوق بناية أحد المواطنين (وهو مشتكى به ايضا) الكائنة وسط تجمع سكني يتميّز بكثافة عمرانية تأوي شرائح عمرية من أطفال ومسنين، وورد في عريضة الدعوى ايضا ان المدّعين أرفقوا شكواهم بشكاية صادرة عن صاحب محضنة أطفال تقع داخل المنطقة التي وقع فيها تركيز الهوائي. والتي لا تبعد اكثر من مائة متر والقانون في هذا المجال واضح ودقيق وصارم. وتضيف عريضة الدعوى بان «تركيز الهوائي وسط حي آهل بالسكان، لا يبعد احيانا مسافة خمسة او ستة امتار عن بعض المنازل أصبح يمثل خطرا محدقا وجليا على صحة المتساكنين وخاصة الاطفال والمسنين». وأورد المدعون، على لسان محاميهم، في عريضة دعواهم ان الجمهورية التونسية صادقت على المواصفات المقرّرة في الاتحاد الاوروبي بتاريخ 12 جويلية 1991 والمتعلقة بالحد من التعرّض للتأثيرات الحرارية للحقول الكهرومغناطيسية وذلك في اطار الوقاية من التأثيرات الصحية لمحطات الهاتف الجوال الرقمي. كما لاحظت عريضة الدعوى، في القضية الاستعجالية بأن تركيز هوائي وسط حي سكني يمثل خرقا للمنشور المشترك الصادر عن وزارة الصحة العمومية بتاريخ 31 جويلية 2004، إذ أن تركيز تلك الهوائيات مباشرة فوق الغرف وقبالة الشرفات من شأنها ان تعكس الذبذبات وهو ما يخالف المنشور. كما أن تركيز الهوائي يمثل خرقا لمنشور وزير الداخلية والتنمية المحلية الموجّه الى الولاة تحت عدد 072 بتاريخ 10 ديسمبر 2002، والذي جاء فيه بالخصوص ضرورة تجنب تركيز اجهزة هوائيات الهواتف الرقمية الجوالة قبالة الشرفات والنوافذ والحواجز المعدنية التي من شأنها عكس الذبذبات المحتملة. وجاء في عريضة الدعوى «أنه بالرجوع الى محضر المعاينة المحرّر من طرف العدل المنفذ بتاريخ 2 جويلية 2010 أقرّ به أن تركيز اللاقط الهوائي سبب الدعوى جاء بمكان غير بعيد من روضة الاطفال اضافة الى التجمّع السكاني». وطلب المدعوون من هيئة المحكمة، استعجاليا ايقاف اشغال تركيز الهوائي عملا بمقتضيات الفصل 201 من مجلّة المرافعات المدنية والتجارية. وتجدر الاشارة الى أن احكاما قضائية صدرت سابقا بازالة هوائيات الهواتف الرقمية الجوالة لما تمثله من خطر على صحة المواطنين وللتوقي من امكانية ان تحدث ضررا، لأن الاصل هو الوقاية من الضرر وليس انتظار حدوثه، وقد صدرت الاحكام عن محكمتي تونس وصفاقس.