تناولت صباح أمس الدائرة المدنية الثامنة بمحكمة الاستئناف بتونس قضيّة هوائيات شركات الهاتف الجوّال المنتصبة وسط السكان والأحياء، بعد أن رفع مواطن الامر الى القضاء مطالبا بإزالتها. وحسب ملفات القضيّة، فإن مواطنا رفع دعوى قضائية أكّد فيها أن شركات للهواتف الجوّالة نصبت هوائيات ضخمة فوق أسطح بعض المنازل والمؤسسات وتتضمن أجهزة بث واستقبال وتوزيع تصدر ذبذبات أقوى 200 مرّة من الذبذبات التي تصدر عن الهواتف الجوّالة وجاء في الدعوى بأن الذبذبات الصادرة عن تلك الهوائيات يمكن ان تتسبب في أنواع من الأمراض الخطيرة مثل السرطان وآلام الرأس المزمنة. واعتمد المشتكي في دعواه على احكام الفصل 99 من الالتزامات والعقود والذي ينصّ على أنه «للاجوار حق القيام على أصحاب الأماكن المضرّة بالصحة أو المكدرة لراحتهم بطلب ازالتها أو اتخاذ الوسائل اللازمة لرفع سبب المضرّة والرخصة المعطاة لأصحاب تلك الأماكن ممن له النظر لا تسقط حق الاجوار في القيام»، وهو فصل قانوني تم سنّه منذ سنة 1906 وتم تنقيحه سنة 2005 في القانون عدد 87 لسنة 2005 المؤرّخ في 15 أوت 2005. واعتمد أيضا على منشور صادر عن وزيري الصحّة العمومية والداخلية، يؤكد ضرورة أن تكون تلك الهوائيات بعيدة ما لا يقل عن 100 متر عن السكان، بينما تنصب شركات باتفاق مع أصحاب بعض المنازل والمؤسسات هوائياتها فوق «رؤوس» المتساكنين. وطالب المحامي النائب عن رافع الشكوى قانونا بإزالة تلك الهوائيات، وبرفع المضرّة، وقال المحامي إنه هناك فقه قضاء، وقد ذهبت محكمة تونس ومحكمة صفاقس سنة 2009 في اتجاه اعتبار هوائيات الهواتف الجوالة محدثة للضرر مما يستوجب إزالتها كما قال لسان الدفاع ان فرنسا مثلا منعت نصبها فوق المساكن وفرضت ابعادها عن أماكن الاطفال، فضلا عن منع الهواتف الجوّالة عمّن سنهم دون 14 سنة. وقال ان الاشكال في تونس أن هناك بعض العقود المبرمة بين تلك الشركات وأصحاب المنازل يصل مداها الى 15 سنة، وقال أيضا ان القانون يغرّم الشخص الذي أمضى العقد بغرامة تصل الى 10 آلاف دينار. وقال المحامي إن العديد من الدول الاوروبية فرضت ابعاد الهوائيات المخصصة للهواتف الجوالة بما لا يقل عن 300 متر أو 500 متر عن السكان وابعادها تماما عن اماكن وجود الأطفال. وكانت محكمة الدرجة الاولى قضت بعدم الاختصاص، ورأت ان الاشكال من اختصاص القضاء الاداري، وهو ما لم يقتنع به لسان الدفاع الذي رأى بأن المشكل ليس متعلقا بالطعن في مقرّر اداري وانما بجبر ضرر. محكمة الاستئناف استمعت الى كافة اطراف القضية، وقرّرت بعد القيام بكافة الاجراءات القانونية حجز ملفات القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم قريبا.