اذا كانت الادارة الامريكية تريد فعلا ايجاد حل يفضي الى اقامة الدولة الفلسطينية خلال ستة اشهر بعد انطلاق المفاوضات المباشرة المتمسكة بها فإن عليها ان تعمل بصفة جدية من اجل ان تتحقق تلك الرغبة. والقول بان ادارة الرئيس أوباما قد وعدت ثلاثة من الزعماء العرب بانها تريد فعلا دولة فلسطينية خلال ستة أشهر لا يمكن ان يمثل باي شكل من الاشكال ضمانة حقيقية لمفاوضات يدرك الكل انها لن تختلف عن سابقاتها الا اذا كان ذلك مبررا لمن يريد اضفاء غطاء شرعية زائفة على تلك المفاوضات برعاية اطلاقها والمشاركة في اقناع الفلسطينيين بخوضها. منذ 1990 لم تتوقف الادارات الامريكية المتعاقبة على ترديد تمسكها بالسلام وباقامة الدولة الفلسطينية خاصة. ومقابل تلك الوعود الكلامية التي لا غد لها والتي تغدقها على العرب فإن تلك الادارات تمنح اسرائيل الضمانات الحقيقية والوعود الصادقة الى حد بدت معه العلاقة بينهما شراكة فعلية ناهيك عن المساعدات المالية والغطاء السياسي الواسع الذي تمنحه اياها بما يساعد ذلك الكيان على اكتساب مناعة تجعله فوق القانون الدولي وفوق المساءلة. وقد تبين طيلة المسيرة التفاوضية السابقة انه ليس للادارة الامريكية ان تمنح العرب اي ضمانة من اي نوع فهي غير قادرة على ذلك وغير راغبة في ذلك ايضا. ثم اي معنى للموقف الامريكي اذا كان بالامكان وضعه في خانة الضمانات وقد حددت اسرائيل بعد، كل شروطها لدخول هذه المفاوضات. شروط نسفت بها كل الأسس السابقة للمفاوضات بما فيها قرارات الاممالمتحدة وكل المواقف التي اعتمدت كنوع من الضمانات بما في ذلك اعلانات اللجنة الرباعية. واي معنى لاي ضمانات اذا كانت اسرائيل قد حددت شروط هذه المفاوضات وما اعتبرته خيوطا حمراء لا يمكن تجاوزها فلسطينيا. هذه المفاوضات حتى تكون مثمرة ومقنعة هي في حاجة الى معجزة حقيقية. واذا كانت ادارة الرئيس أوباما معنية بانجاح المفاوضات وليس باستدراج العرب الى دورة جديدة من الاتصالات العقيمة فإن عليها ان تعيد الاعتبار الى دور الاممالمتحدة وان تكون وسيطا حقيقيا محايدا وان تمارس ضغطا حقيقيا على اسرائيل لتعديل تعنتها وتصورها للسلام. اما اذا كانت هذه الادارة عاجزة عن القيام بكل ذلك فإنه من الافضل ان ترفع يدها عن هذه القضية، وتقر بعجزها حتى لا تكون وسيطا قهريا ضد العرب.