أنا على اقتناع تام بأن الرابطة المحترفة لكرة القدم كانت قادرة على حسم موضوع محمد الباشطبجي رغم اختلاف مواقف أعضائها.. وأنا على اقتناع تام بأنها أهدرت فرصة تاريخية لإبراز حيادها من جهة ومكانتها من جهة أخرى عندما أضاعت كل ذلك الوقت ثم مرّرت الأمر الى الجامعة.. وأنا على اقتناع تام أيضا بأن هذه الرابطة ستظل الى آخر رمق في عمرها الافتراضي تعيش في جلباب الجامعة ولا تستطيع أن تتحرّك قيد أنملة الا ب«تعليمات» غيرها وإن قراراتها الآتية قد «تنفّخها» الأندية لتشرب الرابطة ماءها طالما أن شخصيتها لم تتبلور.. ودورها يبدو شكليا أكثر منه فعليا.. ماذا أصاب «العيفة»؟ بلال العيفة لاعب شاب متخلق وخجول وطموح.. هكذا عرفناه مع منتخب الأصاغر وطالب الجميع آنذاك بضمه الى الأكابر وتكهن له كل من شاهده بأنه سيكون «مالديني تونس» (رغم اختلاف الخطة) لكن ما راعنا ألا وهذا الشاب يسيل الكثير من الحبر ليس بفضل لعبه وإسهامه في نجاح الافريقي بل بخروجه عن سطر الانضباط في أكثر من مرة وآخرها منذ يومين عندما أكد شهود عيان أن العيفة قام بحركة تجاه الجمهور نخجل من ذكرها ووصفها بما جعل ذلك الجمهور يهيج ولا تهدأ الأمور إلا بتدخل الأمن.. لنسأل ماذا أصاب ذلك «الطفل» وهل آن الأوان لتنكبّ الهيئة المديرة على موضوعه الأخلاقي بعمق أكبر حتى نطهّر بلال من «العيفة» ونعيده الى طريق الجادة قبل فوات الأوان خاصة أننا نعرف معدنه وندرك بعض الأسباب التي جعلته يحيد عن الطريق المستقيم! لؤم... وشؤم ساعات قليلة وتنفجر حقيقة أخرى في وجوه العرب تحيلنا الى الاعتراف الأخير بأننا خارج الطابور.. فبعد كل الذي حدث بين مصر والجزائر جرّاء مباراة كروية ضحكت من خلالها علينا بقية الأمم.. ها أن التاريخ يعيد نفسه فنتابع هذه الأيام «تغطية اعلامية» فاقت ما وصلنا عبر كل القنوات العربية حول مجازر العراق وحقيقة آلام غزة وانتحار لبنان وتشتت أوصال الاخوة الاعداء بين الماء والماء.. وها هي مايكروفونات الحقد والكراهية تلعلع هنا وهناك لتحويل مباراة اليوم بين شبيبة القبائل والأهلي المصري الى «ملحمة» جديدة ينتصر فيها المهرولون نحو كل ما لا نريد والراغبون في ذبح الأمة من الوريد الى الوريد.. وإذا كان «جورني بينهام» قال مثله الشهير «إذا رأيت ثعبانا فلا تنشغل بمعرفة من أين جاء» فنحن نقول اننا نعرف الثعبان ونعرف من أين جاء.. ونعرف سبب البلاء.. ولكننا لا نستطيع أن نغيّر ما بفئة ضالّة قال فيهم «جورج سانتيانا» «هؤلاء الذين لا يتذكرون الماضي محكوم عليهم بإعادته»..