عم عبد المجيد السبنيولي أشهر من نار على علم في مدينة جندوبة اشتهر ببيع الفريكاسي بدكانه بنهج فرحات حشاد ورغم مرور 77 سنة عن ولادته وتقدمه في السن إلا أنه إضافة إلى يديه الماهرتين في إحضار الفريكاسي وأنواع مختلفة من الحلويات فله ذاكرة خصبة مازالت تتذكّر رمضان زمان في طفولته يتذكّر أحداثا مر عليها أكثر من نصف قرن يقول العم مجيد كانت ليالي رمضان ملاح تبقى راسخة في الذاكرة فقد كانت المقاهي داخل مدينة جندوبة تعد على أصابع اليد لذلك يتم اكتراء «الحوانيت» التي تفرش بالحصر لنلعب عليها الورق (شكبة روندا لص حفيّظ) ويكون الرهان الشاي والحلويات... أمّا المدينة فتتزين شوارعها وينتصب باعة الحلويات على قارعة الطريق وهي حلويات مختلفة الأنواع تطبخ على «البابور» وكم كان يستهوينا نحن الصغار كؤوس الكريمة والقرانيت والتي كانت ثمنها 2 فرنك. وقد كانت السهرة الرمضانية تمر كرمش العين نظرا لما فيها من متعة وألعاب فقد كنّا نلعب أمام الديار وفي الشوارع لعبة «باني باني) (الفوشيك) ونردد بصوت واحد «بني بني» في السماء يغني ونلعب أيضا لعبة غميض غزال وكم كانت ممتعة وعندما تتوفر لدينا بعض النقود نلعب لعبة التايسيكو (الفنجان) حيث ننصب فناجين على طاولة ويكون تحت أحدها جائزة وسعيد الحظ من تكون من نصيبه. ومازالت أذكر من رمضان عمي بوطبيلة الذي نبقى ننتظره لساعات متأخرة من الليل للتمتع بصوته الصادح وطبلته المترنمة على نفس الإيقاع وهو يردد «قومي لسحوري قومي لسحوري». أما التنقل (خلال الستينات و السبعينات» ونظرا لقلة الساعات فننتقل لزيارة الأقارب بالأرياف وقضاء بعض الشؤون هناك إما على الأحمرة أو على العربات (كروسة مالطي 6 خيول)، ويفعل سكان الريف نفس الشيء لقضاء شؤونهم بالمدينة. رمضان زمان كان له نكهة خاصة وله عادات كثيرة ولّت ولكن المميز في رمضان اليوم هو توفر كل شيء من أكل وملابس إضافة إلى الاستقرار وراحة البال والحمد لله. «أتمنى لكم جميعا الصحة والعافية وكل عام وأنتم بخير» هكذا ختم عم مجيد ذكرياته وانصرف لإعداد بعض الحلويات.