قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبركم بأفضل درجة من الصيام و الصلاة والصدقة؟ قالوا بلى يا رسول الله. قال : إصلاح ذات البيْن وفساد البيْن الحالقة) رواه أبو داود/ حديث صحيح في هذا الحديث النبوي يخبرنا المصطفى عليه الصلاة والسلام بأفضل الأعمال من صوم التطوع وصلاة التطوع والصدقات وهو الإصلاح بين الناس وهذا يدخل في نطاق منهج النبي صلى الله عليه وسلم في بناء الأمّة على قواعد سليمة ومتينة قوامها صفاء القلوب من الضغائن والأحقاد وعلاقات بين الناس يسودها الأمن والأمان والمحبة والإخاء .لذا فإن الإصلاح بين المتخاصمين يعدّ من أعمال البرّ التي حثّ عليها الإسلام ذلك أن الناس يتّفقون مرة ويختلفون أخرى وتلك سنّة الله في خلقه, والشيطان للناس بالمرصاد يوقع العداوة والبغضاء بينهم والنفس تأمر بالسوء فتدفعهم إلى الاختلاف والخصام والتباغض , ولهذا حثّ الله عباده على إصلاح ذات البين ورتّب على ذلك الثواب الجزيل والخير العميم: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَة أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاة اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} (النساء:114). ولهذا فقد يختلف الزوجان وهذا أمر طبيعي , فليكن الإصلاح سبيلا لإرجاع المياه إلى مجاريها. فالالتجاء إلى القطيعة والغضب والعنف أو الانفصال والطلاق هو منهج الضعفاء الذين استسلموا إلى الشيطان عدو الإنسان. وما قلناه عن الزوجين ينسحب على الأخوين والصديقين وكذلك على الشريكين في التجارة في الفلاحة والصناعة ما لم يخن أحدهما الآخر وفساد العلاقة بين هذه الأطراف هو إيذان بالخراب والدمار لا عليهم فقط بل على المجتمع الذي يضعف نسيجه وهو ما سماه الرسول بالحالقة . لذا وجب التدّخل والإصلاح الذي اعتبره النبي عليه الصلاة والسلام أفضل من صلاة النافلة وصيام النافلة ومن الصدقة أيضا . فأفضلية إصلاح ذات البيْن بين الناس على صلاة التطوع وصيام التطوع وعلى الصدقة, تبرز في أن الصلاة والصيام لا تفيد إلآ صاحبها بينما الإصلاح وإرجاع المياه إلى مجاريها بين المتخاصمين: أزواجا كانوا أو أقارب أو جيرانا أو شركاء أو أصدقاء يتعدّى مفعوله وخيره إلى الغير إلى المجتمع بأسره ودائما يقدّم الإسلام المصلحة العامة على المصالح الخاصة .فإصلاح ذات البيْن وتقريب الناس من بعضهم البعض وإزالة الجفاء من قلوبهم هو التجارة الرابحة والصدقة البالغة عند ربّ العالمين خاصة ونحن على وشك توديع شهر رمضان واستقبال عيد الفطر المبارك.