فرجة مضمونة وحضور ركحي وطرب سماعي ورحلة مشوقة، هذه العناصر الفنية وغيرها من التقنيات الركحية والسينوغرافية اجتمعت في السهرة الرمضانية قبل الختامية بالمركب الثقافي بالقيروان، أمنها العرض الفرجوي الصوفي «تعطيرات» لشركة الفن الثامن طينة بصفاقس في الليالي الرمضانية لعاصمة الأغالبة بحضور جمهور من المبدعين. بالعيساوية والصلاة على الرسول الأكرم ينطلق العرض. ثم تتواتر الحركة الركحية في تناغم مع الاناشيد الصوفية («أحببتك حبين» و«بدأنا باسم ا&» و«توسلت باسم ا&» ومقاطع لقصة المولد النبوي) التي تروي القصة المولدية في مزاوجة بين السرد والموسيقى الايقاعية تتخللها مجموعة من الموشحات الصوفية التي تجمع بين الايقاع الصوفي وروح التجديد لتطرب الوجدان وتحرك الأشجان من خلال رؤية موسيقية وركحية تعتمد البحث في التراث الموسيقي. وعن فكرة المشروع «تعطيرات»، يقول المخرج سفيان مزيد انها تنطلق من المخزون التراثي الأدبي والموسيقى الصوفية لحنا وكلمة. وأنه أراد هو ومجموعته من خلال هذا العمل الموسيقي الفرجوي بيان أهمية الانشاد الصوفي كشكل من أشكال التعبير وسبيلا للتواصل بين المجتمعات العربية والاسلامية وقدرته في الغاء الحدود الجغرافية الفنية مع المحافظة على الخصوصيات اللفظية والموسيقية لكل ثقافة وبيئة اجتماعية. قافلة فنية و«تعطيرات» هي فكرة لمشهد صوفي حركي يعتمد الانشاد والصورة والسينوغرافيا ويعتمد التقنيات الركحية لشد أنظار المشاهد وتأمين تفاعله مع العرض الى نهاية الرحلة عند البقاع المقدسة. وهي كذلك مسيرة قافلة فنية صوفية انطلقت من الأندلس في اتجاه الحجاز مرورا بالمغرب الاقصى وبالتحديد عبر مكناس المغربية، حيث أولى محطات الفن الطرائقي «العيساوية» وصولا الى تونس عبر الصحراء حيث لا يزال الفن الطرائقي «العلوي» ناشرا أريجه بين الواحات وحيث لا تزال الحناجر تترنم بالسردية المولدية، فتم ادماج صوت نسائي عليها لتخليصها من احتكار الرجال. وأغاني العرض مستوحاة من التراث الطرائقي، أضفى عليها سمات فرجوية مصاحبة للصوت مع تفاعل درامي مقدما مشاهد ركحية لإبراز الجانب الروحي في الاداء الصوتي والفرجوي بالتوازي مع الحبكة الدرامية. وفكرة المشروع من اعداد محمود عاشور الذي جمع النصوص من التراث وقام بالتلحين.