في غمرة احتفالات الشعب التونسي بحصاد أبنائه العلمي لآخر السنة المدرسية والجامعية، وتأكيدا على المجهودات الكبيرة التي تبذلها بلادنا في المجال التربوي، وتثمينا للنتائج العظيمة التي حققها أبناؤنا التلاميذ والطلبة في كل المجالات العلمية فهل من منتج تلفزي يفكر في تكريم هذه الفئة النيرة من أبنائنا ليشد على أيديهم ويشجعهم على المزيد من بذل الجهد والعطاء والأخذ بأسباب العلوم الحديثة ورفع راية تونس عالية بين الأمم المتقدمة فلا بأس لو فكرنا في تأثيث سهرة تلفزية واحدة نخصصها لهذه المناسبة على هامش احتفالنا بيوم العلم فنفسح المجال للطلبة المتفوقين والتلامذة النجباء والباحثين والعلماء والنوابغ ليطلوا علينا عبر شاشة التلفاز ويشرفونا بأحاديثهم وتجاربهم ومشاغلهم وطموحاتهم وآرائهم وليحفزوا بقية زملائهم على السير على خطاهم واقتفاء آثارهم وشق طريقهم في بحر العلوم والانتاج الفكري والأدبي والبحث العلمي والتكنولوجي والاختراعات الطبية وغير ذلك من الميادين الهامة التي كم نحن بحاجة لها اليوم للحاق بركب الأمم المتطورة فطريق العلوم أهم من طريق النجوم والاستماع لرأي عالم أو نابغة أو متفوق في أي مجال من مجالات البحوث العلمية نظنه أمتع وأنفع للمتفرج من متابعة «مشاريع نجوم» قد تسطع أو تأفل وبعض المبتدئين الذين قد يبرزون وقد يتعثرون فيطويهم النسيان. وقد تابعت كاميرا برنامج طريق النجوم حياة «نجومها» الصاعدة في أدق تفاصيلها وتجولت في الأحياء الشعبية والأقل شعبية ولم تخف عنا نومهم وقيامهم وأكلهم وسباحتهم أو رياضتهم و»بروفاتهم» بما فيها من غث وسمين واعداد لأصواتهم واصلاح لأخطائهم وأنفقت في سبيل ذلك الكثير من المال والوقت والأعصاب... أعصاب المشاهدين! والآن فإن المشاهدين يطالبون أن تحذو كاميرا «طريق العلوم» حذو كاميرا «طريق النجوم» وأن تتحفنا ولو بسهرة واحدة متميزة يسطع فيها كل النجوم... نجوم العلوم تفيدنا لأنها تدوم وتخدم العباد والبلاد أما غيرها فهي لا تخدم إلا نفسها ومن يقف وراءها وكثيرا ما تدمر الأعصاب وتتلف الأذواق وتكسب الشهرة الزائفة لأشباه أو أشباح نجوم فالمتلقي متخم بمثل هذه البرامج والمشاهد التي باتت تطلع عليه كأنها مستنسخة أو منسوخة أو لنقل حتى أنها أحيانا «ممسوخة» فأغاني السندويتش لا تعمر لأنها غير مهيأة للعيش وسط الأضواء والأنوار بل هي من صنع الكليبات والمؤثرات الصوتية والركحية والسينمائية وهي نتاج الشركات التجارية و»علب» صنع وتسويق النجومية السريعة لإغراق المشهد الثقافي واحداث تخمة فنية يضيع فيها المشاهد خاصة اذا كان بسيطا وليس له زاد فني.