أصدر الشاعر كمال قداوين وبعد انتظار طال نسبيا مجموعته الشعرية الثالثة عن دار البراق للنشر والتوزيع في حجم متوسط (156 صفحة) واخراج أنيق بعنوان «نافذة للصباح القديم» وهو عنوان أطول قصيدة في المجموعة تقريبا وهذا لا يعني أن الشاعر قد بقي طوال هذه السنين مكتوف الايدي ومنقطعا عن الكتابة بل انه تميز بحضوره في عدة ملتقيات ونواد أدبية وكان دائم الحضور تقريبا في الجرائد والمجلات التونسية والأجنبية. وتحوي هذه المجموعة أربع وأربعين قصيدة متفاوتة في الطول ومتباينة في الموضوع صدّرها الشاعر ببيتين للشابي وبيت للمتنبي وضمّنها نبذة من حياته الذاتية في حين احتوى الوجه الاول لغلاف المجموعة على رسم تشكيلي للفنان محمد فارس واحتوى الوجه الثاني على مقتطفات من عدة مقالات نقدية كُتبت خصوصا عن المجموعة الشعرية السابقة للشاعر وهي بعنوان النار فاكهة الشتاء حيث جاء على لسان اتحاد الكتاب العرب انها «مجموعة من الاشجان والتساؤلات لشاعر عربي تونسي معروف ذات منهج غنائي هادئ الخطاب واضح الرؤية ويمتزج في القصائد الهم الشخصي العاطفي والمعيشي بالهم الوطني الوجودي والاجتماعي» ولعل الشاعر قد نحا نفس المنحى في هذه المجموعة حيث عمد الى ادماج عدة أغراض في القصيدة الواحدة في أسلوب يراوح بين الذاتي الشخصي والعام يجد فيه القارئ ضالته حيثما كان تأكيدا لمقولة الأدب الخالد هو الأدب الصالح لكل زمان ومكان، كما يبدو اشتغال الشاعر على اللغة في هذه المجموعة واضحا ومكثفا ويتجلى كذلك حرصه على الايقاع الداخلي والخارجي لعل ايمانا منه بأن الشعر موسيقى أو لا يكون، هذا بالاضافة الى نبل المواضيع المتصلة بالفرد والمجموعة وبتفجع الذات ومأساة الانسان العربي المعاصر، كل ذلك يشي بقدرة الشاعر على ملامسة الواقع واستكناه مواطن الخلل فيه في محاولة لوضع الاصبع على الداء والاشارة الى مكامن العلة في أسلوب شاعري فني بعيد عن المباشراتية والتقريرية يضمن التواصل مع الآخر ولعل ذلك هو دور الشاعر والمثقف عموما ويكفيه ذلك فخرا، وللحديث عن هذه المجموعة عودة أخرى أعمق وأشمل سنعود اليها بحول ا& في فرصة لاحقة.