أم القصر.. هي عنوان لملحمة ورمز للصمود في وجه الغزاة.. هي تلك المدينة التي لا تملك ما تفخر به سوى صمود أبنائها.. الفرقة الثانية من مشاة البحرية الأمريكية.. اللواء المدرع السابع البريطاني.. اللواء المظلي البريطاني السادس عشر.. فوج القوات الخاصة وفوج مشاة البحرية البريطانية.. وإنزال انقليزي على أرصفة ميناء المدينة.. كل هؤلاء اعتقدوا أن صبية المدينة وصباياها سيعترضونهم حاملين الورود خاصة أن الجيش العراقي وبالتحديد لواء المشاة 45 اتخذ موقعا دفاعيا جنوب أم القصر.. أكثر من عشرة أيام من الصمود أدخلت تلك المدينة التي لا يتجاوز عدد سكانها 60 ألفا إلى التاريخ وإلى بيانات القوات الغازية.. لم يتصور أحد تلك المقاومة الشرسة.. هي المدينة التي دفعت أمريكا إلى الكذب حينا والاعتراف أحيانا.. هي التي لخبطت أوراق الغزاة وكادت تقضي على آمالهم.. هي التي أبهجت ملايين المشجعين العرب القابعين أمام التلفاز.. هي لم تلعب في الدوري الأوروبي ولا العربي ولا الافريقي أو الآسيوي.. بل لعبت في دوري البطولة ضدّ الاحتلال وعرضت أبناءها فداء للعراق.. سقطت بغداد واستولى اللصوص على البلاد.. لكن لا أحد ينسى ذلك الاسم الذي يقترن أحيانا بالميناء.. أم القصر.. اليوم أصبحت المدينة رمزا في التاريخ لكنها أضحت مرتعا لأصدقاء الاحتلال وأذنابهم وأضحى التنكيل بأهلها وارتكاب أبشع الجرائم بحقهم أعمالا لا يعاقب عليها قانون الغزاة.. أصبحت المدينة اليوم منطلقا لعمليات لصوص العراق.. كل ما يصل إلى ميناء أم القصر من «مساعدات» أو بضائع ينقل إلى «مغارة علي بابا» التي لا يعلم إلا اللّه وحده مكانها في الواقع.. ليقتسمها في ما بعد قادة «العراق الجديد». خلال الأيام الماضية وصلت إلى الميناء حمولة بها 8080 جهاز كمبيوتر لتوزع على تلاميذ المدارس لكن تم تحويل وجهتها فوزعت على «تلاميذ» الغزاة.. وفتح تحقيق من قبل المالكي بعد أن وبخه قائد قوات الاحتلال الأمريكي فينسيت بروكس الذي قال: «إن الأجهزة كانت جولة في «معركة كسب العقول والقلوب».. سرعان ما أغلق التحقيق وصفت قلوب الغزاة على أذنابهم.. لكن لم يكسب أحد قلوب العراقيين أو عقولهم حتى يومنا هذا.. لأن قلوبهم يسكنها العراق وعقولهم ملكه ولم يتعودوا على بيع ما ليس لهم أصلا..