بعد ان كانت الدراسة الجامعية حلم التلاميذ الذي يؤهلهم لدخول معترك الحياة... ويمكنهم من تحصيل شهائد علمية... أصبح التكوين المهني في السنوات الاخيرة في نظر الكثيرين بوابة رئيسية ومسارا واعدا قد يحقق مالا تستطيع الدراسة بالجامعة والمدارس العليا الاخرى تحقيقه خاصة في ظل انتشار البطالة في صفوف أصحاب الشهائد... وأمام أزمة «الكاباس» الذي بات واضحا أنه مجرد مسكن لأمل مفقود كما أن تشغيل أبناء العائلات المعوزة لم ينصف البعض اذ تكفي الشكاوى التي نطالعها على أعمدة الصحف بشكل دائم كلها تصب في هذا الاتجاه... «الشروق» التقت عددا من الشباب في أحد الفضاءات الترفيهية واستطلعت آراءهم وأفكارهم حول هذا الموضوع الذي أصبح ملاذا حقيقيا عند فئة منهم خوفا من شبح البطالة الذي يترصدهم في أعقاب رحلة شاقة بين أسوار الجامعة... وهروبا من مقولة «تقرى والا ما تقراش المستقبل ما ثماش...» التكوين المهني لا يمثل لكثير من الشباب شهادة أو ديبلوم بقدر ما يمثل حرفة... و«صنعة يدين» يكتسبونها أما للبحث عن مكان في المؤسسات والمصانع أو للانتصاب للحساب الخاص... وقد يبلغ بهم الامر الى التخلي عن دراستهم والتضحية بأحلام عائلاتهم... آمنة الزوي.. انقطعت عن الدراسة لتلتحق بمقاعد التكوين المهني... تقول لم تعد الدراسة الجامعية طريقا مضمون المستقبل وقد تضاعفت نسبة البطالة في صفوف المجازين حتى بات التفكير ضروريا في التكوين لتعلم صنعة تؤهلنا للتعويل على أنفسنا... وأضافت تصور أن واحدة مثلا لا تملك أدنى مستوى علمي أو ثقافي وتعلمت الحلاقة... وأصبحت الآن صاحبة «صالة» العروسة الواحدة بألف ومائة دينار... وكم من عروس في الليلة»... ونحن نمضي ما لا يقل عن 15 سنة في الدراسة «لوين» الواحد يشيب ثم نجد انفسنا نتجرع مرارة البطالة ونعجز حتى على التجهيز للزواج... فأيهما أفضل صديقتي: «ريم العوني» متكونة في اختصاص تصميم الأزياء... تقول ان التكوين المهني أصبح يفتح عديد الآفاق أمامنا سواء من حيث سرعة التكوين... التي لا تتجاوز في الغالب السنتين أو من حيث فرص التشغيل أو لبعث مشاريع صغرى... سامية بن تومية تقول أمام طول سنوات الانتظار للمجازين من أجل الحصول على فرص عمل لا حل أمام التلاميذ سوى التفكير بعمق وجدية في مستقبلهم والالتحاق بمسالك التكوين المهني وتعلم صنعة تضمن لهم فرصا أفضل للعمل... الامجد الرمال أكد أن عديد الاختصاصات في التكوين المهني باتت مطلوبة أكثر من أغلب الاختصاصات التعليمية وهذا يدفع الكثيرين الى التضحية بالدراسة والبحث عن فرصة للتكوين تكون غالبا أسرع من حيث النتيجة وأكثر جدوى وفاعلية أثناء البحث عن عمل... الخيار أنفع الكثير من المتكونين التحقوا بصفوف التكوين المهني رغبة في تحقيق أحلامهم وحبا لهوايات يعشقونها فلم تغرهم الدراسة ولا رغبات أهاليهم الملحة لاتمام دراستهم الجامعية والحصول على شهائد عليا ومن ثم الحصول على وظيفة معتبرة للتباهي بها أولا... وتيسيرا في البحث عن عروس جميلة بقيمة ووزن الشهادة والوظيفة (...) انصاف عويشاوي من حي الرياض بسوسة انقطعت عن التعليم في أول محطة فشل بالباكالوريا.. فلم يعرها هذا الفشل وهذا الرسوب ان صحت العبارة أدنى اهتمام... فقد كان همها الوحيد منذ الصغر ان تصبح مصممة أزياء... فهي على قدر كبير من الجمال لكنها دائما تصطدم برفض عائلتها للفكرة. الى أن كانت النتيجة فضحت بدراستها والتحقت بمركز للتكوين في الاكساء... تقول انصاف... لقد خيرت هوايتي على دراستي وبقطع النظر عن طبيعة وضع التشغيل التي تقتضي التفكير بجدية في التكوين المهني... فشأني شأن الكثيرين نحاول تنمية هواياتنا... فاتن الجلاصي متكونة أخرى ضحت بالباكالوريا من أجل الالتحاق بأحد اختصاصات التكوين المهني حيث تمارس احدى هواياتها المفضلة تقول لست نادمة على قراري البتة لأن الدراسة «حبالها طويلة» وتستوجب نفسا طويلا ومثابرة ومغامرة أما التكوين فيتطلب الثقة والتركيز وقد لا يستغرق السنوات التي تستغرقها الدراسة بالجامعة علما أن التكوين المهني يشهد نقلة نوعية ليس فقط في تحسن نسبة استقطابه لعدد المكونين من مختلف المستويات الدراسية بل على مستوى برامج التكوين وذلك وفق القانون الجديد على نحو يؤهله للاضطلاع في تفاعل وتكامل مع قطاعي التربية والتعليم العالي بالمهام الموكولة له في المرحلة الجديدة مع مسار التنمية حتى يصبح مواكبا لمختلف المستجدات العالمية وحتى يحيى مسلكا للنجاح وتكريس مبدأ التكون ومواصلة دعم الشراكة مع المؤسسات الاقتصادية والاقرار بمكتسبات الخبرة وختمت فاتن كلامها.... ثم لا تنسى أني مقبلة على الزواج بعد رمضان فلو لا التكوين الذي حصلت عليه وأمكن لي العثور عن شغل فمن سيجهزني؟ هل الشهادة الجامعية أم والدي العامل اليومي؟؟.