تونس الشروق تغطية محمد علي خليفة: أكّد المشاركون في الندوة الدولية حول «الهجرة والاندماج: الفرص والتحديات من أجل تعاون أورومتوسطي» أن اشكالية اندماج المهاجرين ذوي الاصول المغاربية والعربية الاسلامية داخل المجتمعات الاوروبية تنطوي على عدّة أبعاد سياسية واجتماعية واقتصادية ونفسية وأن معالجة هذه المسألة تبقى مسؤولية جماعية تقع على عاتق الحكومات الاوروبية وأيضا على الدول «المصدّرة» للمهاجرين، وهي بالأساس دول جنوب حوض المتوسط. وأبرز المتدخلون أن الخلفية الامنية طغت على الطرح الاوروبي للمسألة، وهو ما أنتج مفارقة حول ما الذي يجب أن تتم معالجته أولا هل هو تحديد ضوابط الهجرة أم ضبط استحقاقات الاندماج، والتي تخشى دول جنوب المتوسّط من أن تنتقص من حقوق وهويات أبنائها المهاجرين وخصوصياتهم الثقافية الحضارية. قضية شائكة وأوضح الباحث الالماني غيرهارد والرز أن مسألة الاندماج ليست معزولة عن بقية قضايا المهاجرين بل هي تمثل جزءا من سياسة اقتصادية واجتماعية وتشغيلية وصحية. واعتبر والرز أن تدفّق المهاجرين نحو اوروبا عمّق من العلاقات بين دول الاتحاد الاوروبي ودول جنوب المتوسط، مشيرا الى أن 20٪ من الشعب الالماني هم من أصول تركية ومغاربية ومؤكدا أن التنمية الاقتصادية التي بدأت في ألمانيا منذ ستينات القرن الماضي ما كانت لتتحقق لولا مساهمة هؤلاء المهاجرين واندماجهم في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للبلد، لكنه نبّه الى أن هذا العالم المعولم يطرح اشكالات جديدة حول الهويّة والأمن. ومن جانبه أكّد السيد فرج السويسي، مدير عام ديوان التونسيين بالخارج ضرورة توفّر مقاربة تعاونية بين بلدان المنشإ والبلدان المستقبلة للمهاجرين، موضحا أن الاندماج يستدعي المواطنة والمساواة وتكافؤ الفرص ومكافحة ظاهرة التمييز العنصري. وأضاف السويسي أن معالجة مسألة الهجرة والاندماج يجب أن تكون مسؤولية الجميع بدءا بالحكومات ووسائل الاعلام والمجتمع المدني. أبعاد... وحلول ورأى القائم بأعمال بعثة الاتحاد الاوروبي بتونس ديرك بودا أن معالجة قضية الهجرة والاندماج تنطوي على أربعة أبعاد أساسية وهي التصرّف الناجع في الكفاءات البشرية المهاجرة ودعم الحوار والتواصل معها وفق مقاييس عادلة وتماشيا مع سياسة بلد الاستقبال وحاجاته المحددة في سوق الشغل. وشدّد بودا على ضرورة اعتماد سياسة وقائية ومكافحة الهجرة السرية، مشيرا في هذا السياق الى الدوريات التي تسيّرها ليبيا وايطاليا للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، وذلك في سياق تكامل الوظائف بين دول ضفّتي المتوسط. وأكّد المسؤول الاوروبي ضرورة تعزيز التعاون بين دول المغرب العربي والاتحاد الاوروبي وضرورة اقرار تشريع دولي يضمن حقوق اللاجئين وأيضا ضرورة ربط قضايا الهجرة الشرعية وغير الشرعية والتكوين المهني والتنمية الجهوية في سياق معالجة ثنائية الهجرة والاندماج. لكن مدير مركز الدراسات المتوسطية والدولية الدكتور أحمد ادريس اعتبر ان السياسات الاقليمية الموجودة حاليا (لمعالجة قضايا الهجرة) هي وبشكل يكاد يكون حصريا سياسات أوروبية حيث لا تساهم بلدان جنوب المتوسط لا في صياغتها ولا حتى في الاعداد لها بينما هي مدعوّة الى المساهمة في وضعها موضع التنفيذ كما تقتضي ذلك اتفاقيات الشراكة الاورومتوسطية وكذلك خطط العمل المعتمدة في اطار السياسة الاوروبية للجوار.