حذر مسؤولون ودبلوماسيون أمريكيون زاروا العراق مؤخرا، ادارة الرئيس جورج بوش من أن الولاياتالمتحدة ستخسر الحرب الثانية في هذا البلد اذا اعتمدت فقط الخيار العسكري الأمني في التعاطي مع «القوى المعادية لها» وأكدوا أن القوات الأمريكية والعراقية الحكومية ليست قادرة على القضاء نهائيا على المقاومة العراقية عن طريق المواجهات العسكرية، ونصحوا بدلا من ذلك باعتماد «استراتيجية التفاوض السري» وعقد الصفقات والتفاهمات مع قوى المقاومة الراغبة في تحقيق «مصالح عراقية» وغير المرتبطة بتنظيم القاعدة وغير العاملة لمصلحة جهات اقليمية. ونقلت صحيفة «الوطن» السعودية عن مصادر دبلوماسية امريكية واوروبية وثيقة الاطلاع قولها ان مسؤولين ودبلوماسيين امريكيين زاروا العراق اخيرا قدموا في تقارير رفعوها الى ادارة بوش «صورة واقعية» عن مسار الاوضاع في هذا البلد تضمنت خصوصا العناصر الثلاث التالية. إن القوات الامريكية والقوات المتحالفة معها تخوض منذ أشهر «حربا ثانية» في العراق بعد حرب اسقاط صدام ضد «قوى معادية» تتشكل من آلاف المقاتلين المدربين جيدا والذين يستمدون قدراتهم وفاعليتهم من امتلاكهم أكثر من مليون طن من الاسلحة والمعدات الحربية المختلفة والمتفجرات والذخائر المخبأة في مئات المواقع في مختلف المناطق، ومن امتلاكهم مبالغ كبيرة من المال تقدر بمئات الملايين من الدولارات. وليس لهؤلاء المقاتلين معسكرات أو قواعد ثابتة معروفة يمكن ضربها بسهولة بل انهم يعيشون مع المواطنين العاديين كما أن الكثير منهم لديهم «حياة مزدوجة» اذ يعملون في مهن مختلفة ثم ينشطون في الوقت الملائم لتنفيذ الهجمات والعمليات ضد الاهداف المحددة لهم. ليس هناك قيادة مركزية موحدة لعمليات ونشاطات المقاومة العراقية بل ان هناك عشرات من القيادات لهؤلاء المقاتلين ومئات الخلايا السرية الموزعة في عدد من المدن والمناطق مما يجعل من الصعب جدا القضاء عليها أو وضع حد لنشاطاتها. ومعظم هذه القيادات مرتبطة بالنظام السابق لكن ليست كلها متمسكة بالولاء لصدام حسين على حد قول التقرير. وقد فشلت أجهزة الاستخبارات الأمريكية في معرفة أسماء جميع القادة الحقيقيين لهذه المقاومة. ليس ممكنا القضاء عسكريا وأمنيا نهائيا على المقاومة العراقية التي تسعى فعليا وجديا إلى تحقيق أهداف ومصالح عراقية بحتة، ولو استمرت هذه «الحرب» سنة و سنتين أو أكثر بل يجب التوصل إلى تفاهمات سرية مع هذه المقاومة العراقية عبر التفاوض مع مجموعة من القيادات والشخصيات والمرجعيات المؤثرة على تنظيمات المقاومة العراقية هذه. ويجب أن تتجاوز هذه التفاهمات المسائل الأمنية والمالية والوظائفية إذ يجب أن تشمل بشكل خاص دور هذه القوى ومن تمثله في تركيبة النظام الجديد وحجم السلطات والمسؤوليات التي سيتمتع بها العرب السنة ويمارسونها في إطار قيام نظام شرعي جديد عبر الانتخابات العامة في هذا البلد. ذلك أن القاعدة الأساسية للمقاومة العراقية تضم العناصر السنية الغاضبة من احتمال فقدان الطائفة السنية المهمة نفوذها الكبير في العراق في المرحلة المقبلة. ومن الأفضل أن تتولى القيادة العراقية الحالية عملية التفاوض المباشر مع قيادات هذه المقاومة العراقية أو مع الجهات المؤثرة عليها، على أن يدعم الأمريكيون سرا عملية التفاوض هذه ويعملوا في الخفاء على تأمين نجاحها ويمكن الاستعانة إذا اقتضت الضرورة بجهات أو شخصيات عربية أو شخصيات دولية بارزة كالأخضر الإبراهيمي مستشار كوفي عنان لشؤون العراق للتوصل إلى التفاهمات الملائمة مع المقاومة العراقية.