1 عادة ما يشتكي الكتّاب من أن المنح التي يحصلون عليها جراء مساهمات في لقاءات أو معلوم اقتناءات كتب أو غير ذلك من الأبواب لا تف بالحاجة ولا تمكث في الجيب كثيرا حتى وإن كانت أموالا طائلة ويردد هذا الكلام حتى أصحاب الفرص الكثيرة... 2 يثير المال الذي يحصل عليه الكتاب أحيانا لعاب الكثيرين وخصوصا من أصحاب الكتابات الضعيفة لذلك سرعان ما يلتفت بعضهم إلى الصفحات الثقافية والأنشطة الأدبية طمعا في الحصول على منحة من أصحاب بعض التظاهرات مقابل بعض التمائم المدحية التي لا يقرأها قارئ ولا ترفع شر البلية وهذا ما جعل التثاقف يسري سريان النار في الهشيم... بعض من جاؤوا إلى هذا الباب من باب التزلّف ومن الصفوف الأخيرة صاروا يعدون أنفسهم عمدا في المشهد الثقافي... لا بد من استشارتهم ولا بد من دعوتهم وتشريكهم ولا مجال لإبداء أراء سلبية حول ما يفعلون... هؤلاء صاروا يغضبون كما يغضب أعيان أسرة أو قرية عند عدم دعوتهم لقراءة الفاتحة في مراسم الزفاف... 3 يُوزّع البعض المنح الأدبية جزافا... لذلك كثيرا ما يذهب المال الأدبي إلى غير مستحقيه من الكتّاب... 4 اعترضني صاحب نشاط جدير بالتغطية الصحفية وقال لي إنه لم يجد مراسلا واحدا يقبل تغطية تظاهرته.. كل من اتصل بهم اشترط عليه أن يدفع مبلغا ماليا والغريب أن في الأمر أثمان جاهزة ومختلفة! أليس هذا بغريب؟ أين تقاليد المراسل الأصيل؟ انتشار هذه العقلية لدى بعضهم مريب ومربك ومسيء للساحة الثقافية ولصحف كثيرة فمتى يستفيق بعضهم حتى يعود للإعلام الجهوي بريقه؟ وحتى تكون أقلامنا القادمة من الداخل شموعا تضيء الموضوعية والمصداقية! 5 سيذكر التاريخ للمال أنه دمّر العديد من التجارب الإبداعية التي عجزت ماديا فلم تستطع مواكبة أحلامها الإبداعية وكم من الكتاب الأموات والأحياء أفشله المال وجعله يعيش معاناة إبداعية... وفي المقابل سيذكر التاريخ أن هذا المال اللعين صنع أسماء وهمية ومنقوصة الدراية والمعرفة وزج بها في عالم الأدب فأصدرت الكتب الكثيرة ودفعت للأقلام فأمطرت دراسات نقدية ولقاءات إذاعية وانتشرت هنا وهناك وصارت تتصدر المجالس وتدّعي القيم والوجاهة الأدبية وتصنع لنفسها عالما من المجد والشهرة... سامحك الله يا «وسخ دار الدنيا». سامحك الله يا مال... سيهزمك التاريخ في النهاية وسيرمي بالزيف الذي صنعته إلى المزابل... لن يذكر التاريخ هؤلاء الذين تزعموا المشهد الأدبي لأن لديهم «لفافات» الأموال...