كنا قد نشرنا على أعمدة «الشروق»، أهم التفاصيل عن الشريط السينمائي القصير «الشاق واق»، وهو فيلم من اخراج المبدع الشاب نصر الدين السهيلي، وبطولة مجموعة من الممثلين أبرزهم لمين النهدي وتوفيق الغربي وعاطف بن حسين. وكنا طرحنا السؤال بخصوص ادراج هذا الفيلم في المسابقة الرسمية لأيام قرطاج السينمائية. الاجابة عن هذا السؤال جاءت في الندوة الصحفية المنعقدة صباح أمس، بقصر العبدلية لتسليط الضوء على الدورة 23 لأيام قرطاج السينمائية. حيث اكتفى السيد طارق شعبان المندوب العام لهذه التظاهرة بالقول: «أنا من ألغى هذا الفيلم «الشاق واق» من المسابقة الرسمية لهذه الدورة من أيام قرطاج السينمائية». ولم يفسر سبب إلغائه لهذا الفيلم. وما يفهم من كلام السيد طارق بن شعبان أن لجنة الانتقاء أدرجت هذا الفيلم ضمن المسابقة الرسمية لأيام قرطاج السينمائية. لكنه هو من تدخل في ما بعد وألغى الفيلم. والحال أن المنطق يفترض عدم تدخله في اختيارات لجنة الانتقاء. إذن السيد طارق بن شعبان تحمّل مسؤولية إلغاء هذا العمل السينمائي من المسابقة الرسمية لتظاهرة أيام قرطاج السينمائية دون توضيح للأسباب. وبالتالي ليس التناول الفني سواء على مستوى الاخراج أو التصوير سببا في إلغاء هذا الفيلم وسحبه من المسابقة الرسمية. وبالمناسبة التقينا عددا من الفاعلين في الساحة الثقافية والسينمائية خاصة، ممّن شاهدوا فيلم «الشاق واق»، وقد أجمعوا على تميّز هذا العمل الذي يجمع ممثلين مشهود لهم بالكفاءة على غرار لمين النهدي، ويتميز كذلك بطرحه لموضوع هام وخطير، هو التطرف الديني. طرح، كما شاهدناه وشاهده مجموعة من أهل القطاع السينمائي جاء بأسلوب معتدل بعيدا عن التطرف ولا يخلو من السخرية المليئة بالمعاني الهادفة. تناول فني يجمع بين الهزل والجد جسّده كأفضل ما يكون الفنان الشاب نصر الدين السهيلي كتابة واخراجا. وهو الذي غيّب نفسه كممثل لأنه لم ير دورا له في هذا العمل السينمائي. هذا الشاب حاول تشريك أكثر عدد ممكن من الممثلين ولم يعمل بطريقة الوساطة أو غيرها من الطرق في الكاستينغ وقد فوجئ مجموعة ممّن شاهدوا الفيلم بالأداء المميّز للوجوه الشابة في فيلم «الشاق واق». لكن للأسف، رغم كل هذه الجهود المبذولة ورغم الظروف المادية الصعبة جدا في ظل عدم بحث نصرالدين السهيلي عن الدعم، يُرفض العمل ويغيب عن أيام قرطاج السينمائية في السنة الحالية. سنة اختارتها الارادة السياسية الحكيمة ببلادنا لأن تكون سنة السينما وسنة دولية للشباب. مبادرة رئاسية ابتهج لها المبدعون الشبان ببلادنا وحفّزتهم على مزيد البذل والعطاء وخاصة على الابداع الذي هو أساسا يرتكز على حرية التعبير. فلا معنى للابداع دون حرية. ومع ذلك، فإنّ مبدعا شابا من نجوم الشاشة الصغيرة في السنوات الأخيرة وفيلمه الجديد هو الثالث في مسيرته كسينمائي، يغيّب عن أكبر تظاهراتنا السينمائية في سنة كان من المفترض أن يفجر فيها طاقاته كمبدع شاب. فأيّ طموح سيظل لدى السينمائيين الشبان والمبدعين عموما؟! بل أيّ إبداع سينضاف الى الساحة الثقافية في ظل قتل الطموح لدى المبدعين الشبان؟! لقد غيّب «الشاق واق» عن أيام قرطاج السينمائية، لكنه سيعرض حتما في قاعات العرض السينمائية، وسيتابعه الجمهور التونسي وقد يتمكن مخرجه من تسويقه خارج أرض الوطن. فهو شاب طموح لا يملّ الابداع. وكما جاء في شعار سنة الشباب «الشباب هو الحلّ وليس المشكل».