إلى أين؟ لا تسأليني بيروت... فالليلة سأقتل: على أعمدة العقم العربي سأنحر... على وشاح الوطن المسبيّ سأصلب... فتصفحي نعيي على أكفّ السافرين... في الصحف اليومية... كم سنة أنا للوجع أحترف...؟ كم سنة في دوّامة النسيان مآربي ترتحل...؟ كم سنة غواية نهديك تستهويني، توغل ي في ثنايا الهذيان... بيروت: أستلذّ رحيق شفتيك... أستعذب فيهما طعم التّوت البريّ... كم سنة بغداد...؟ على خصرك أحتضر، أرسف في الهوان... كم سنة...؟ أنا للوجع أحترف...؟ كم سنة...؟ غبار المتاهات بخمّارة الحيّ يغلّف صمتي... من نديمي...؟ لا تسأليني فلسطين «أبا قرّة» في غبس الليل خليلي... عهر المدينة من رغو الرّيح يأوينا... سويّا عشقنا «بنت العنقود»... في وجوم المعابد نغازلها نسامرها وشاح الليل يغرينا، يلهب غريزتنا أن نضاجع «أم ليلى» في مخادع الأسياد... لا تسأليني دمشق: فمن مجاج العنب أتعب إبليس كأسي... سويّا نتفاخر... نتباهى... كم وطنا في الوحل غمسنا...؟ كم مزارع زيتون في جثمة اللّيل زقفنا...؟ كم صبيّا بجزر الصّمت وأدنا...؟ بغداد: لا تسأليني جريرتي...؟ في زمن القحط العربيّ... عن الوطن الضّمآن لجرح المواويل... أيا قدس: لا تسأليني عن «حوّاء»...؟ فقد أغرتها شجرة التّفاح... و«إسماعيل» لهدب المجزرة أرسل أبناءه تترى... لا تسأليني بيروت...؟ زنابق نبوّة في لجج الشجن اهترأت، بكعوب البنادق انسحقت.. «يسوع» أنا... بليل بهيم، على مئذنة الأقصى سأنحر... خلف أسوار المدينه سأصلب... أي بيروت بلغت روحي التراقي... ركاب السّحاب في هودج المآثم تحملني، تصعد بي إلى سدرة المنتهى... حيث الخلود، حيث ذاك الفضاء