«الحمقى وحدهم لا يغيرون آراءهم...» جملة وردت على لسان جوزيف بلاتير في كونغرس الفيفا في الباهامز في جوان 2009 عندما كيلت له مجموعة من الاتهامات مفادها أنّه كثيرا ما يتحمّس لقضية ثم سرعان ما يفتر تجاهها. الآن هل سيقتنع الامبراطور أن امبراطوريته التي بذل الغالي والنفيس من أجل بنائها منذ 1998 أنها بدأت تتآكل من الداخل وتميل للتداعي بعد هذه الفضيحة المدوّية المتعلقة بالرشوة؟ الرجل الذي يستمد قوته من عضوية ما يزيد عن أكثر من 200 اتحاد محلي (وهو عدد أكثر من عدد الأعضاء المنضوين تحت لواء الأممالمتحدة) ومن ميزانية لا يمكن عدّها بتمويلات وصفت بالمشبوهة لم ينف ولم يندد ولم يهدد بغلق الصحيفة التي نشرت الخبر، بل سارع بفتح تحقيق في الموضوع ما يفيد بأنه يعترف ضمنيا بوجود تجاوزات ورمال متحركة من تحت قدميه قد لا يقدر على إيقافها هذا إن لم يكن طرفا فيها هذا بالإضافة إلى خرقه لقوانين الفيفا بدعوته لفتح تحقيق... الفضيحة ليست الأولى من نوعها في صلب الفيفا، ففي سنة 2002 وعقب انتخابات الفيفا كشف رئيس الاتحاد الصومالي لكرة القدم فرح أدو أن محمد بن همّام القطري (المعروف بولائه لبلاتير) قد اقترح عليه مبلغ 100 ألف جنيه استرليني من أجل التصويت لبلاتر ليخلف نفسه على رأس مملكته الخاصة ومرة أخرى كان صحفي انقليزي وراء كشف النقاب عن هذه التفاصيل وفتح تحقيق وقتها شمل 11 عضوا وكشفت الصحافة الانقليزية وقتها عن تبخّر مبلغ 220 مليون جنيه استرليني من رصيد الفيفا واتجهت الاتهامات وقتها رأسا لبلاتر بعد إفلاس الشركة العالمية الراعية للفيفا التي يمتلكها صديق بلاتر... لن نعود كثيرا لتفاصيل دهاليز هيكل وصف بالخفي لتطمس نزاهته ومصداقيته بوصفه المنظم للعبة الأكثر شعبية وهذا ما سينعكس سلبا على اختيار البلدان المنظمة لمونديال 2018 و2022 المقرر مبدئيا ليوم 2 ديسمبر المقبل رغم الحديث عن تأجيل الموعد على خلفية الفضيحة الأخيرة... من جهة أخرى سعت بعض الأطراف المصرية إلى الركوب على الأحداث وربطت فضيحة الفيفا بما حصل في مباراة الترجي والأهلي، فالمتهم المالي «أكادو دياكتي» رئيس لجنة التحكيم للكاف وأحد أعضاء الفيفا نال نصيبه من الاتهام المصري بوصف أن له يدا في تعيين «لامبتي» حكم تلك المباراة... ما يهمنا أكثر في الموضوع هو أنه من المنتظر أن تعلن لجنة التحقيق عن نتائجها اليوم ولكن الحسم قد يؤجل وما يهمنا أكثر هو صورة تونس على الصعيد الدولي وتأثير ما حصل مع سليم علولو في التمثيل التونسي على مستوى الهياكل الدولية الذي هو ضعيف بطبعه وتبعات ذلك على مصير الرياضة التونسية التي تتطلب حضور ممثلين للدفاع عن حقوقنا في زمن تسود فيه منطق المصلحة وقانون الغاب داخل هياكل رياضية دولية كشف الزمن أنها تؤمن كثيرا بالمحسوبية... ووسط كل هذا جاء التعاطي الإعلامي المحلي مع ما حدث سلبيا إلى حد الآن فالجميع تحدث عن موقف سليم علولو وما ينتظره دون النظر في تبعات هذه القضية التي تمس الهيكل أكثر من الشخص وربما تأتي في إطار عملية مدبرة من قبل أعداء بلاتر أو بإيعاز من أحد الدول المترشحة لتنظيم مونديالي 2018 و2022... «الشروق» فتحت هذا الملف مجددا من زاوية مدى تأثير ما حصل في صورة تونس في عيون العالم؟ وهل سينهار التمثيل التونسي في الهياكل الدولية بكل هذا في انتظار نتيجة التحقيق طبعا؟ السؤال طرح على ممثلين سابقين في الهياكل الدولية. سهيل الصالحي (نائب سابق للاتحاد الدولي للتيكواندو): التمثيل التونسي أرفع من هذا «الحادث» الشخصي في البداية يجب أن نشير الى أنّ ما حصل مع سليم علولو الى حدّ الآن يمكن وصفه باجراء تحفظي الى حين نهاية التحقيقات وشخصيا أنزّه سليم علولو لأنه في مستوى أرفع بكثير من ذلك ويعلم الجميع ما قدمه من خدمات في خدمة كرة القدم في تونس وفي الاتحاد الدولي. من جهة أخرى لا أعتقد أن كل ما حصل يمكن أن يؤثر في مستوى التمثيل التونسي في الهياكل الدولية فالتهم الى حدّ الآن تهم الشخص نفسه في المقام الأول ويمكن أن نصفها بمسألة شخصية ولا يجب أن ننسى أن التونسيين أثبتوا كفاءتهم من خلال تقلدهم العديد من المناصب في صلب الهياكل الدولية بمختلف مكوّناتها ولم يكن تعيينهم مرتبطا بأي شخص بقدر ما كان الأمر متعلقا بحسابات ومقاييس محدّدة. كما أن الخطأ وارد من كل شخص والمهم هو الاجتهاد ما دام تولي المنصب أمرا تطوعيا ولا يوجد وراءه أهداف أو أغراض شخصية، بل إنّ الطلب كبير على الكفاءات التونسية في الهياكل الدولية. تحقيق: محمد الهمامي وسامي حماني : أكرم الزريبي (الناطق الرسمي باسم المحكمة الرياضية): تقدير الفيفا خاطئ وقرارها مخالف للقوانين ولا تأثير لذلك على صورة تونس دوليا مبدئيا من المفروض أن لا تؤثر هذه «الحادثة» الظرفية في صورة تونس دوليا فمن الناحية القانونية القرار غير مبرر لأن الفصل 129 من المجلة التأديبية للفيفا تجيز لرئيس الهيئة القضائية ولجنة الأخلاق اتخاذ العقوبة الوقتية إذا ما كانت لديها حجة مؤكدة وهذا ليس موجودا حاليا لأن الفيفا ليس لديها أدلة وقد طالبت الصحيفة الانقليزية بتقديم الحجج فهي أشرطة مسجلة ولا ترتقي إلى مستوى الحجج. كما أنه لا يمكن اتخاذ قرار سريع لأنه يجب على الفيفا الاستماع للأطراف والحجج وهذا ما يلزم جهة رسمية وهذا الأمر يهم بالأساس أموس أدامو ورينالدو تيمالي لأنهما عضوي اللجنة التنفيذية في حين أن سليم علولو عضو في لجنة التأديب القارّة ونضيف أن الفصل 30 من النظام الأساسي للفيفا ينص على أنه لا يمكن إيقاف أي عضو من اللجنة التنفيذية إلا بجلسة عامة وهذا خرق آخر للقانون... بعيدا عن القانون إذا ما ثبتت الإدانة بعد التحقيق الذي يتواصل 30 يوما أو يضاف إليه 20 يوما، قد يؤثر ذلك في الشخص ولن يمس من صورة تونس ومصداقيتها كما أن كل هيكل مثل الفيفا له مثل هذا الثقل المالي والإعلامي لن يسلم من محاولات التشويه... هنا يمكن أن نفتح قوسا يتعلق بوضعية الفيفا فهناك دول تستعد للطعن في القرار المنتظر بخصوص الدول المستضيفة لمونديالي 2018 و2022 يوم 2 ديسمبر القادم، وهي بالتالي مطالبة بالزيادة في عدد أعضاء اللجنة التنفيذية حيث تضم 24 عضوا ويجب أن تتسع أكثر هذه اللجنة حتى تتقلص الانتقادات والشكوك والشبهات... محمود الهمّامي (محاضر معتمد لدى الفيفا): الكفاءات التونسية لن تحتجب عن الهياكل الدولية محمود الهمامي يتقلّد مناصب عديدة ضمن الهياكل الدولية فهو محاضر معتمد لدى الفيفا والكاف وعضو في اللجنة المالية للاتحاد العربي والإفريقي وقد حدثنا مباشرة من جمهورية إفريقيا الوسطى قائلا: أنا أرى أن الإشكال الذي يحصل حاليا مع سليم علولو ظرفيّ والقرار الذي أصدر هو تحفظي وأنتظر تنزيه هذا الرجل وتبرئته من تهم هو أرفع منها بالنظر إلى قيمته لكن القضية أخذت أكثر من حجمها بالنظر إلى حساسية الموقف وتعقيداته وارتباطه بقضية شائكة في الوقت الحالي وهو ما استوجب من الفيفا اتخاذ هذا القرار.. من جهة أخرى ليس هناك أية علاقة بين هذا الإشكال الظرفي وبين العلاقة الهيكلية المتواصلة بين التونسيين ومختلف الهياكل الدولية فالقضية تستهدف الفيفا وليس الأشخاص فالفيفا دائما تطلب الاعتماد على الإطارات التونسية في مختلف الاختصاصات وبرامج التطوير بالنظر إلى الصورة الناصعة لبلادنا والسمعة الطيبة التي تحظى بها ولن تتأثر بهذا المشكل المفتعل الذي يبدو بعيدا كل البعد عن مكانة تونس وسط الحضور الدولي والدليل أن هناك العديد من الكفاءات التونسية تواصل نشاطها في صلب مختلف الهياكل. الدكتورة زكيّة البرطاجي (عضو في اللجنة الطبية للاتحاد الإفريقي): أعرف سليم علولو جيّدا والتهمة «شخصية» «في البداية نحن مازلنا لم نتوصل بعد إلى معرفة حقيقة هذه الاتهامات ومدى صحتها فأنا شخصيّا سبق لي العمل لفترة طويلة رفقة السيد سليم علولو ونعتبره من المراجع التي نفتخر بها في بلادنا على المستوى القانوني ويتمتع بكفاءة عالية... أما بالنسبة للتهم التي وجهت إلى شخصه فلا أظن أنها ستؤثر على صورة الرياضة التونسية وتواجدها بالاتحادات والهياكل الرياضية الدولية بحكم أن التهمة تقتصر على شخص سليم علولو فحسب». الصادق كوكة (رئيس الاتحاد العربي والجامعة التونسية وعضو في المنظمة العالمية للكيوكيشنكاي) نحن سفراء تونس خارج حدود الوطن شخصيا أصرّ على أن هذه الاتهامات الموجهة ضد السيد سليم علولو غير منطقية ولا تتجاوز مجرد ادعاءات باطلة وأطرح مجرد سؤال وهو لماذا لم تعثر على أحد الأعضاء الأوروبيين ضمن قائمة المتهمين الخمسة؟ ولكن في المقابل أعتقد أن شخصياتنا الرياضية يجب أن تعي جيدا بأنها تحمل مسؤولية كبيرة على عاتقها وتتمثل في كونها سفير تونس خارج حدود الوطن وهو ما عملت أنا شخصيا على ترسيخه خارج تونس صلب رياضة الكيوكيشنكاي فعندما سمحت لي التلفزة الأردنية بالظهور على شاشتها لمدة ساعة ونصف فهنا بالتحديد ندرك حجم المسؤولية الموكولة إلى الرياضيين التونسيين لتمثيل البلاد وتشريفها من بوّابة الرياضة لذلك ينبغي أن يكون تأثير رياضتنا إيجابيا ومشرفا في مختلف الدول». محرز بوصيّان (رئيس الجامعة التونسية للتنس): لا ينبغي أن ننسى التصنيف العالمي للشفافية... مؤكد أن مثل هذه القضايا من شأنها أن تؤثر على صورة الرياضة التونسية بحكم أن السيد سليم علولو متواجد في هيكل رياضي عالمي ويمثل الراية التونسية ولا ننسى أن بلادنا والحمد لله تحتل مرتبة مشرفة على مستوى التصنيف العالمي للشفافية والذي صدر مؤخرا وينبغي علينا حاليا مساعدة الرجل في صورة إذا كانت هذه التهمة مجرّد إشاعة لأن إثبات براءة السيد سليم علولو تهمنا كثيرا أما إذا ثبت العكس وذلك ما لا نتمناه فاعتبرها شخصيا زلّة فردية أي أنها تقتصر على شخص هذا الرجل وبطبيعة الحال من شأن ذلك أن يؤثر سلبا على مسألة الشفافية التي تحدثنا عنها». الدكتورة منيرة بن فضلون (عضو اللجنة الطبية للاتحاد الإفريقي) : هذه القضايا عادة ما تجد اهتماما متزايدا لدى الناس «أظنّ أنه مازال من السابق لأوانه الحديث عن انعكاسات التهمة الموجهة لشخص سليم علولو على صورة الكرة التونسية وتواجدها بالهياكل الرياضية الدولية بالرغم أننا لا ننكر حجم الاهتمام المتزايد من قبل الجماهير الرياضية بهذه القضية ولكن ندرك جيّدا أن مثل هذه القضايا عادة ما تتطلب الكثير من الوقت قبل الحسم في أمرها وشخصيا أعتقد أن الشخصيات الرياضية المرموقة ينبغي أن تأخذ حذرها جيّدا إزاء مثل هذه التهم التي قد لا تتجاوز في بعض الأحيان مجرد أقاويل».