قال تعالى: {يا أيّها الذين آمنوا اتّقوا اللهَ وكونوا مع الصادقين} عليكم بالصدق فإنّ الصدق يهدي إلى البرّ والبرّ يهدي إلى الجنّة وإيّاكم والكذب فإنّ الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار وما يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذّابا) البخاري. إن الكذب والإخلاف في الموعد والتدليس والافتراء والخيانة ومجانبة الصدق من علامات النفاق، وما اجتمعت هذه الخصال في مسلم إلا كان منافقا خالصا، قال رسول الله عليه الصلاة والسلام (أربع من كنّ فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر) البخاري. وخطر الكذب على الفرد والمجتمع كبير لذا أمرنا الإسلام بتجنبه وأوصانا أن نربي أبناءنا على فضيلة الصدق حتى يشبوا عليها وقد ألفوها في أقوالهم وأحوالهم كلها، ولكن كثيرا من الناس اليوم لا يبالون بما يحدثون بتصرفاتهم مع أبنائهم من انحراف في نفوسهم فتميل إلى الكذب فتجدهم يعوّدون أولادهم بنين وبنات على الكذب وتعلمه منذ الصغر خذ على ذلك مثلا لو طرق أحد عليه الباب أو رنّ جرس الهاتف فإنه يقول للابن أو البنت: قل أبي غير موجود! مع أنه موجود وهو الذي لقنه الكذب، ثم يطلب من أولاده أن يصدقوا ولا يكذبوا، فهل ترى إذا هو عوّدهم على الكذب من حيث يشعر أو لا يشعر، هل يستجيبون لتربيته ولطلبه الصدق منهم وعدم التعامل بالكذب؟ الجواب بالتأكيد لا، لن يستجيبوا لنداءاته بأن يكون الصدق سجية لهم وعلامة واضحة في حياتهم، وإن استجابوا وصدقوا مرة فسوف يقولون الكذب مرات ومرات، نظرا لما طبعوا عليه وتعودوا وقديما قيل من شبّ على شيء شاب عليه. عن عبد الله بن عامر قال: دعتني أمي يوما ورسول الله ے قاعد في بيتنا فقالت: تعال أعطك، فقال لها رسول الله (ما أردت أن تعطيه؟ قالت: أردت أن أعطيه تمرا، فقال لها أما إنك لو لم تعطه شيئا كتبت عليك كذبة).