موعد التصريح بالحكم ضدّ الغنوشي في قضية الإشادة بالإرهاب    حوادث/ 4 وفيات و451 إصابة خلال 24 ساعة..    الملعب الإفريقي بمنزل بورقيبة: تمديد جديد في مهام الهيئة التسييرية    نادي السويحلي الليبي يفوز وديا على النادي البنزرتي    هلاك شاب ال30 سنة في حادث مرور مروع بصفاقس..    ديوان الإفتاء: مواطنة أوروبية تُعلن إسلامها    يهم المسافرين : 3 نصائح أساسية لتجنب الغثيان على متن الطائرة    الصوناد: المواطن التونسي يستهلك أكثر من 200 لتر من المياه خلال يوم عيد الإضحى    إجراءات إستثنائية فيما يخص ''حالات الغش'' لتلاميذ الباكالوريا ..وزيرة التربية توضح    هام/ تراجع ملحوظ لأسعار لحوم "العلوش" بالمساحات التجارية ومحلات القصابين..    تصفيات كأس العالم 2026: غانا تفوز على أفريقيا الوسطى وموزمبيق تتغلب على غينيا    مجلس الأمن الدولي يتبنى مشروع القرار الأمريكي بشأن وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى    الأردن يستضيف مؤتمرا دوليا للاستجابة الإنسانية في غزة    استشهاد 12 فلسطينيا في قصف للاحتلال الصهيوني على قطاع غزة..    مجلس الأمن يوافق على مشروع قرار أمريكي بوقف إطلاق النار في قطاع غزة..#خبر_عاجل    الكاف ..بعث نواد في الذكاء الإصطناعي بالمدارس الإعدادية    المدرسة الابتدائية القبودي بني خلاد ...المرتبة الأولى في المسابقة الجهوية للألعاب البيداغوجية الرقمية في دورتها الثانية    سليانة..معلمة تبتكر وسائل تعليمية حديثة    القضاء يُقرّر إلغاء إيقاف قرار إعفاء محرز الغنوشي من وظيفته    قطار تونس الجزائر : بعد إنقطاع 11 عام.. أولى السفرات ستكون قبل أواخر شهر جويلية القادم    طقس الثلاثاء: الحرارة تصل الى 46 درجة مع ظهور الشهيلي    اليوم: حرارة مرتفعة ومرتفعة جدّا وقويّة    مبادرة نموذجية في تنظيم اختبارات مادة التربية البدنية    حتى لا يتحول انتظار النتيجة إلى كابوس...بعد الإمتحان يُكرم التلميذ ولا يُهان !    تألق في المسابقة الوطنية «التدخين يسبب أضرارا» يزيد الرقيق يحرز جائزة وطنية ويحلم بالعالمية !    مقترح قانون صناعة المكملات الغذائية على طاولة البرلمان و هذه التفاصيل    معطيات عن واقع قطاع الطاقة في تونس    تحذير مرعب.. النوم أقل من 7 ساعات يزيد من خطر الوفاة..    زلزال بقوة 5 درجات يضرب هذه المنطقة..    "أبل" تزود هواتف آيفون ب"تشات جي بي تي"    "احمدي ربك".. رد مثير من مستشارة أسرية سعودية لامرأة ضبطت زوجها يخونها مع 6 نساء!    بالفيديو.. عاصفة بردية تتسبب بأضرار جسيمة في طائرة نمساوية    ظهور لافت للمجندات السعوديات خلال استعراض قوات أمن الحج لهذا العام    توقيع اتفاقية شراكة بين الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة و"الصوناد"    المنتخب الهولندي.. دي يونغ عن يورو 2024    انطلاقا من يوم العيد في القاعات: فيلم يروي تفاصيل "اخفاء صدام حسين"    دار الافتاء المصرية : رأس الأضحية لا تقسم ولا تباع    مونديال الأندية : ريال مدريد ينفي و يوضح    السن الواجب مراعاته في الأضحية    العاصمة: عرض للموسيقى الكلاسيكية بشارع الحبيب بورقيبة في هذا الموعد    نابل: تسجيل 27 حالة غش منذ إنطلاق امتحان الباكالوريا 2024    نصائح لمطبخ صحي ونظيف في عيد الإضحى    عاجل/ بعد الضجة الكبيرة حول استغلال"القشّارة" لأضاحي العيد بالميزان: شركة اللحوم ترد وتكشف..    عاجل/ حادث اصطدام سيارة بعربة مترو بهذه الجهة..وهذه حصيلة الجرحى..    لقاح للقضاء على السرطان ماالقصة ؟    في حادثة صادمة: سيجارة إلكترونية تتسبب في انفجار رئة مراهقة..!!    عاجل : ارسين فينغر في تونس و هذه التفاصيل    قطاع التامين: أقساط صافية ب 1148.2 مليون دينار في الربع الأول من العام    خبر غير سار لأحباء لاعبة التنس أنس جابر    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    فرنسا وكندا تتعادلان بلا اهداف في اخر الاستعدادات لبطولة أوروبا وكوبا أمريكا    اليوم/ استنطاق عبير موسي في قضيتين جديدتين..#خبر_عاجل    معرض صفاقس الدولي الدورة 58 من 21 جوان الى 7 جويلية    مريم بن مامي: ''المهزلة الّي صارت في دبي اتكشفت''    موعد عيد الاضحى: 9 دول تخالف السعودية..!!    تطاوين : بدء الاستعدادات لتنظيم الدورة السابعة للمهرجان الدولي للمونودراما وإسبانيا ضيف شرف    هند صبري تلفت الأنظار في النسخة العربية لمسلسل عالمي    مُفتي الجمهورية : عيد الإضحى يوم الأحد 16 جوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر عربية: العراق... المشكلة الحقيقية
نشر في الشروق يوم 03 - 11 - 2010

لم تكن مشكلة العراق منذ احتلاله عام 2003 تكمن في تشكيل حكومة أو عدم تشكيلها، ذلك ان السنوات السبع ونيّفا التي مضت على الاحتلال الأمريكي، على «العملية السياسية» التي اطلقها، والحكومات المتعاقبة التي شكلّها، لم تستطع ان تلجم التردي الامني ، ولا ان تعالج الانهيار الخدماتي، ولا ان توقف الفساد المستشري الذي وضع العراق في مقدمة الدول الغارقة في الفساد حسب اللوائح المعتمدة دوليا.
وعجز الطبقة السياسية المتنفذة في العراق منذ ثمانية أشهر عن تشكيل «حكومة» جديدة، لم يُشعر العراقيين بأي فارق في ان تكون لديهم حكومة أو لا تكون، أو في ان تمارس حكومة منتهية ولايتها كل صلاحيات الحكومات العادية أو لا تمارسها، فالهوة واسعة بين هموم الناس المتعاظمة واهتمامات السياسيين المتراكمة، في وقت اكتشف فيه العراقيون ان الذهاب الى صناديق الاقتراع لا يعني بالضرورة قيام مجلس نواب ما زال محروما حتى الساعة من الالتئام بسبب الازمة السياسية المتفاقمة بين فرقاء جمعتهم العملية السياسية على مدى سنوات ما بعد الاحتلال، وها هي التشكيلة الحكومية تفرقهم.
فالمشكلة في العراق اذن ، منذ سبع سنوات، كانت ولا تزال في الاحتلال اولا، الذي وان انسحبت معظم قواته فان ما هو باقٍ من قوات وشركات أمنية (قيل ان مرتكبي جريمة كنيسة النجاة المرّوعة في حي الكرادة في بغداد كانوا يرتدون ثياب عناصرها) كافٍ لابقاء المشروع الأمريكي، الممهور بالبصمات الصهيونية، حيا في تفاصيل الحياة العراقية وفي العلاقات القائمة بين العراقيين أنفسهم، وبينهم وبين اشقائهم وجيرانهم.
ولعل أبرز عناوين هذا المشروع هو تفكيك اواصر المجتمع العراقي، (بعد تدمير دولته وحل جيشه وسلب موارده والاجهاز على بناه التحتية ونهب جامعاته ومتاحفه)، وادارة احتراب أهلي دائم بين مكونات هذا المجتمع لا لاخراج هذا البلد العربي الهام من معادلة القوى في المنطقة فحسب، بل لاشعال المنطقة بأسرها من خلال لهيب الفتنة العراقية.
ولعل في الاحداث الدموية المرّوعة التي شهدها العراق، وما زال، منذ الاحتلال حتى اليوم ، (وآخرها جريمة الاعتداء على مصلين في كنيسة النجاة في حي الكرادة في بغداد) ما يشير الى أنّ المخطط ما زال مستمرا، وببصمات صهيونية واضحة ومماثلة لما نراه في فلسطين، رغم انسحاب اعداد كبيرة من القوات الأمريكية المحتلة.
واذا كان الاحتلال لا يخرج بقواته وادواته ومشاريعه الا بفعل المقاومة، التي استطاعت في العراق ان تسهم بفعالية في إرباك المشروع الامبراطوري الاستعماري الاكبر في تاريخنا المعاصر، فان مستقبل هذه المقاومة مرهون بقدرة العراقيين جميعا (واشدد على كلمة جميعا) على انجاز مصالحة وطنية شاملة (واشدد أيضا على كلمة شاملة) يتجاوز من خلالها العراقيون كل حساسياتهم القديمة والجديدة، وتُجري عبرها قواهم السياسية مراجعة جريئة وعميقة لتجاربها بايجابياتها وسلبياتها، وتؤسس من خلالها لمشاركة حقيقية في الحكم تعكس حقيقة الخيارات الشعبية للعراقيين دون التفاف عليها أو تحايل.
وتشكل الوثائق السرية للبنتاغون التي كشفها موقع ويكيسليكس حول جرائم الحرب، والجرائم ضد الانسانية التي ارتكبتها قوات الاحتلال وادواتها في العراق مادة كافية لاطلاق ملاحقة قضائية وسياسية واخلاقية واسعة ضد فاعليها الصغار والكبار، العسكريين والسياسيين (وهذا ما سيدرس آلياته اجتماع قانوني عالمي ينعقد في بيروت بعد ايام برئاسة وزير العدل الأمريكي السابق رامزي كلارك ومعه منسقا الحملة العالمية القانونية لملاحقة جرائم الحرب في العراق خالد السفياني واشرف البيومي)، تماما كما تشير احكام الاعدام التي صدرت مؤخرا بحق نائب رئيس وزراء عراق ما قبل الاحتلال طارق عزيز ورفاقه سعدون شاكر، وعبد الحميد محمود، وخضر مزربان هادي، وسمير عبد العزيز النجم، وسبعاوي ووطبان ابراهيم (وهما اخوان غير شقيقين للرئيس صدام حسين) الى امعان في سياسات وممارسات واحقاد أدخلت العراق في نفق دموي بغيض ما زال غارقا فيه حتى اليوم.
لقد استنكر الفاتيكان (وربما هذا الاستنكار ما يفسر الهجوم على كنيسة في بغداد قبل ايام ومصرع كاهنين فيها) ومعه الاتحاد الاوروبي وروسيا احكام الاعدام هذه، فيما أعلن وزير خارجية ايطاليا عن استعداده للذهاب الى بغداد للحيلولة دون اعدام عزيز ورفاقه، ولكننا لم نشهد بالمقابل أي تحرك عربي أو اسلامي لوقف هذا التمادي في الثأر والانتقام الدموي لا دفاعا عن المهددين «بالشنق» حتى الموت فحسب، بل بشكل خاص دفاعا عن مناخ الوفاق والمصالحة والسلم الاهلي في العراق، وهو المناخ الذي تحاصره دورة العنف الدموي المتفشية في بلاد الرافدين.
لقد وقعت جامعة الدول العربية في خطيئة كبرى حين تنكّرت لميثاقها ومعاهدات الدفاع العربي المشترك، وكرّست أمر الواقع الذي أوجده الاحتلال وأسبغت عليه شرعية عربية استخدمتها منظمات اقليمية ودولية لتبرير تعاملها مع هذا «الأمر الواقع».
أما مجلس الامن الذي وافق على «الحيلة» الأمريكية بتغيير اسم قوات الاحتلال الى «قوات متعددة الجنسية» في 30/6/2004 (وفي اطار صفقة امريكية فرنسية آنذاك امتدت من العراق الى سوريا ولبنان) فقد بات اليوم كمؤسسة، وكأعضاء، يتحمل مسؤولية مباشرة في كل ما جرى، ويجري في العراق، من مأسٍ ودمار ودماء، وذلك حسب منطوق القانون الدولي والقانون الدولي الانساني والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وهي مسؤولية ينبغي ان تكون موضوع دراسة ونظر كل المعنيين بالمواثيق والقوانين الدولية.
واذا كان مجلس الامن قد اسهم بقرارات اتخذها في قضايا عديدة، أو بقرارات لم يتخذها بسبب الفيتو الأمريكي، في اضعاف مصداقية «المجتمع الدولي» وتوسع الهوة بينه وبين الرأي العام الدولي، فانه في القضية العراقية شريك كامل في كل ما لحق بالعراقيين من عذابات، فلقد تدرج من موقف الصامت والمتفرج على حرب (وصفها امين عام الامم المتحدة السابق كوفي عنان بانها كانت غير شرعية وغير قانونية) الى موقف الراعي المباشر لكل ما جرى في العراق من انتهاكات في مرحلة «السيادة» و«القوات المتعددة الجنسية».
فهل سيحمل لنا موقع ويكيليكس غدا وثائق تكشف حجم تورط «المجتمع الدولي» في جرائم العصر، واخطرها دون شك ما رأيناه في فلسطين والعراق؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.