لأول مرة يجمع المتابعون لأيام قرطاج السينمائية من اعلاميين ونقاد وجمهور على أن الدورة الثالثة والعشرين للمهرجان المنتهية فعالياتها يوم الأحد الماضي 31 أكتوبر 2010، كانت في مجملها جيدة سواء من حيث القيمة الفنية للأفلام المشاركة، أو من حيث التنظيم. وبغض النظر عما تردد بخصوص تجاهل ادارة المهرجان، أو وزارة الثقافة والمحافظة على التراث لبعض الممثلين والمخرجين والمنتجين والتقنيين والناشطين في مجال السينما، بحرمانهم من دعوات الحضور وشارات الدخول الى القاعات، واعتبار ذلك من النقائص أو سوء التنظيم تبقى هذه الدورة من أفضل الدورات على الأقل في العشرية الأخيرة. تنظيم جيد ومن حيث التنظيم لم يقع مثلا إلغاء عرض واحد أو تأجيله كما تقم احترام كل المواعيد بالنسبة الى الأنشطة والعروض، ولم تشهد قاعات السينما كما في الدورات السابقة حالات طارئة كالاعطاب الفنية التي يمكن أن تؤثر على القيمة الفنية للأفلام المعروضة. أفلام قيمة ومسابقة ضعيفة وعلى مستوى الأفلام تميزت كل الأقسام تقريبا، بجودة الأفلام المختارة باستثناء قسم المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة الذي عرف في هذه الدورة، ضعفا واضحا في بعض الأفلام قد يعود الى سوء اختيار اللجنة المكلفة بذلك، أو عدم توفر الأفلام الجيدة وأثار ذلك انتقادات عدة انكشفت بالخصوص عند اسناد الجوائز حيث توجت أفلام لا تستحق في الحقيقة حتى التنويه مثل «ميكروفون» المصري و«الجامع» المغربي، كما عرفت السينما التونسية الحاضرة في المسابقة الرسمية بدورها ضعفا فادحا من حيث القيمة الفنية وخصوصا بالنسبة الى فيلم «وقائع احتضار» للمخرجة عائدة بن علية، وهو ما حرم السينما التونسية في هذه الدورة من أي تتويج باستثناء فيلم «النخيل الجريح» لعبد اللطيف بن عمار الذي حصل على جائزة أقرب الى الاهانة منها الى التتويج أو التكريم، وهي جائزة لجنة تحكيم الأطفال وكأن الأطفال يفهمون في التاريخ!... السينما القصيرة نقطة مضيئة وتبقى السينما القصيرة، النقطة المضيئة الوحيدة في سماء السينما التونسية، والتي سجلت حضورا كبيرا في هذه الدورة، كما وكيفا، وهي اشارة فيها من الأمل الكثير على الأقل بالنسبة الى المستقبل بشرط اعطاء الفرصة للعاملين في هذه السينما حتى يبدعوا في مجال الفيلم الطويل الذي ظل محصورا في نفس الأسماء. نجم المهرجان وكعادته كان الجمهور النجم الأكثر سطوعا في سماء هذه الدورة حتى أنه أذهل كل المشاركين في المهرجان، وخصوصا العرب منهم والأجانب الذين استغربوا مدى عشقه للسينما واقباله الكثيف عليها.