شيّع أهالي مدينة صيادة من ولاية المنستير والاسرة الثقافية ببلادنا مساء أمس جثمان فقيد السينما التونسية الطاهر شريعة الى مثواه الأخير بمقبرة المكان. وكما هو معلوم فإم المرحوم كان أصيب بمرض مزمن أدى الى وفاته مساء أول أمس عن سن تناهز 83 سنة. وقد أشرف على موكب الدفن السادة عبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة والمحافظة على التراث والهادي مهني عضو مجلس المستشارين وخليفة الجبنياني والي المنستير ولطفي شوبة الكاتب العام للجنة التنسيق وعلي المرموري المندوب الجهوي للثقافة وعدد من المسؤولين المحليين والجهويين بالاضافة الى عدد من الوجوه الفاعلة في المشهد السينمائي على غرار المخرجين فريد بوغدير ومحمد دمق وأحمد حرز الله والناصر الكتاري وخالد البرصاوي والمنتج نجيب عياد وعدة وجوه أخرى كالسيد بوبكر بن فرج ومدير أيام قرطاج السينمائية. الوزير يؤبن الفقيد أثناء تأبينه للفقيد الطاهر شريعة ذكر السيد عبد الرؤوف الباسطي أن المرحوم يعتبر من البناة الذين أخذوا المسؤولية الادارية في صلب الادارة الثقافية مأخذ النضال الذي يغلب عليه البذل والعطاء وروح التطوع والايمان بأهمية الفعل الثقافي في زمن بدايات التأسيس الذي عزّ فيه وجود المؤمنين بخطورة الشأن الثقافي. وتعرض الوزير الى تاريخ الفقيد فذكر أنه ولد في 5 جانفي 1927 بمدينة صيادة من ولاية المنستير وانخرط في نوادي السينما قبل أن يترأس الجامعة التونسية لنوادي السينما عندما تمت تونستها والتي بعث منها مدرسة تخرّج من صفوفها شباب اختار التخصص في احدى المهن السينمائية من مخرجين ومنتجين وفنيين ومصورين. الوزير أشار أيضا الى أن الفقيد كان حظي بعناية موصولة من قبل سيادة الرئيس بن علي الذي منحه سنة 2007 الصنف الاكبر من الوسام الوطني للاستحقاق بعنوان القطاع الثقافي كما أحاطه برعايته السامية أثناء محنته الصحية. محطات هامة ويذكر أن الفقيد دعي سنة 1966 الى تأسيس مصلحة السينما في ما كان يسمّى بكتابة الدولة للشؤون الثقافية وعمل في شبكة نوادي السينما الذي ظل يرعاها ويستند إليها ويستعين بخريجيها في إعداد النصوص المنظمة للقطاع ككل والتي صدرت فيما أصبح يعرف بمجلة الصناعة السينمائية في تونس. الفقيد أسس سنة 1966 أيام قرطاج السينمائية وأدار دورتها الاولى وحدد هويتها وملامحها وجعلها أول مهرجان عربي افريقي يعنى بالابداع السينمائي الجاد ويعرّف بالمخرجين أمثال يوسف شاهين وعثمان صنبان وصلاح أبو سيف. مثلما أسهم في ترسيخ تقاليد هذا المهرجان بما جعله موعدا دوريا مهمّا ينتظره الجميع لمواكبة مستجدات الابداع العربي والافريقي. المرحوم وفقيد السينما التونسية كان له إشعاع دولي حيث أسهم في بعث مهرجان السينما الافريقية بواغادوغو سنة 1971 كما ألف كتبا حول السينما وساهم في تأسيس مجلة «المسرح والسينما» وعمل خبيرا لدى منظمة اليونسكو وشارك في لجان تحكيم العديد من المهرجانات الدولية. مواكبة إعلامية واكبت أغلب وسائل الاعلام خبر وفاة السينمائي الطاهر شريعة وتحولت الى مقبرة صيادة لتغطية مراسم الدفن ومن بين الوسائل الاعلامية الحاضرة قناة تونس 7 وقناة حنبعل بالاضافة الى إذاعة المنستير وإذاعة شمس آف.آم والعديد من ممثلي الصحافة المكتوبة. خسارة... لكن! أكد أغلب السينمائيين الذين حضروا جنازة الفقيد ل«الشروق» أن وفاة الطاهر شريعة تمثل خسارة كبرى للسينما التونسية والعالمية وأن فضله على المشهد الثقافي كبير وسيظل رغم رحيله في ذاكرة كل الفنانين والسينمائيين الذين لولاه لما كان لهم وجود على الساحة. كما أعربوا أن التكريم الذي حظي به من قبل إدارة أيام قرطاج السينمائية أياما قبل وفاته جاء في موعده ويعدّ لمسة وفاء ينتظر أن تتلوها لمسات أخرى.